مقال

الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 9”

الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 9”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الخليفة الأموي مروان بن محمد، وعندما كتب مروان إلى ابنه عبد الله بن مروان، وكان الضحاك قد التف عليه مائة ألف وعشرون ألفا، فحاصروا نصيبين، ونصيبين هى مدينة تاريخية في الجزيرة الفراتية العليا ومنطقة إدارية تقع حاليا ضمن حدود تركيا وتتبع اليوم لمحافظة ماردين، ونصيبين مدينة رافدينية قديمة، وتعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، حيث تقع في أسفل جبال كاشياري على نهير يتفرع من الخابور في أقصى شمال شرقي بلاد الرافدين وقد سمي في العصر الإغريقي مكدونيوس ثم سمي ماسا، وهو الاسم الذي تصفح إلى موسى، وهي على الأرجح مدينة أرامية باسم نصيبينا، وكانت تعتبر مركزا تجاريا لمرور التجارة من بلاد آشور وفارس إلى البحر الأعلى وهو البحر الأبيض المتوسط، وقد ساق مروان في طلبه فالتقيا هنالك، فاقتتلا قتالا شديدا فقتل الضحاك في المعركة وحجز الليل بين الفريقين.

 

واستخلف الضحاك على جيشه من بعده رجلا يقال له الخيبري، فالتف عليه بقية جيش الضحاك، والتف مع الخبيري سليمان بن هشام بن عبد الملك وأهل بيته ومواليه والجيش الذي كان بايعه في على الخلافة قبل أن يهزمهم مروان، فلما أصبحوا اقتتلوا مع مروان، فحمل الخبيري في أربعمائة من شجعان أصحابه على مروان، وهو في القلب، ففر منهزما واتبعوه حتى أخرجوه من الجيش، ودخلوا عسكره وجلس الخبيري على فرشه، وميمنة مروان ثابتة وعليها ابنه عبد الله، وميسرته ثابتة وعليها اسحاق بن مسلم العقيلي، ولما رأى عبيد وخدم مروان العسكر قليل مع الخبيري، وأن ميمنة وميسرة جيشهم باقيتان، طمعوا فيه فأقبلوا إليه بعمد الخيام فقتلوه بها، وبلغ قتله مروان وقد سار عن الجيش نحوا من خمسة أميال، فرجع وانهزم أصحاب الضحاك، وقد ولوا عليهم شيبان بن عبد العزيز اليشكري، فقصدهم مروان بعد ذلك بمكان يقال له الكراديس فهزمهم.

 

وأما عن إسحاق بن مسلم العقيلى، فهو إسحاق بن مسلم بن ربيعة بن عاصم بن حزن بن عامر بن عوف بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، ولقبه أبو صفوان العقيلي، وكان كبير القدر جليل الأمر، وولي أرمينيا، وكان من قواد مروان بن محمد، وتوجه معه حين توجه من حران إلى دمشق طالبا للخلافة، وقد غزا الروم سنة مائه وعشرين من الهجره، وفتح العديد من قلاعهم وحصونهم، وكان إسحاق بن مسلم العقيلي من قواد الدولة الاموية في أواخر عهدها زمن هشام بن عبد الملك والخلفاء الذين أتوا من بعده وكان إسحاق بن مسلم مخلصا لمروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين وعندما قتل مروان على أيدي العباسيين ظل وفيا له وتحصن في مدن الجزيرة العربية وقاتل العباسيين بمن معه من قومه.

 

القبائل القيسية وعلى رأس جيش العباسيين أبو جعفر المنصور عندما كان أميرا زمن أخيه الخليفة أبو العباس السفاح حتى أعجز أبو جعفر المنصور ثم عطاه الأمان بعدما قتل مروان بن محمد وصار إسحاق وإخوته من قادة العباسيين وولاتهم وأصبح إسحاق والي أرمينيا لأبي جعفر المنصور عندما تولى الخلافة، وكان بعد أن إنهزم أصحاب الضحاك، اجتمعت الخوارج على شيبان بن عبد العزيز، فأشار عليهم سليمان بن هشام أن يتحصنوا بالموصل ويجعلوها منزلا لهم، فتحولوا إليها وتبعهم مروان بن محمد أمير المؤمنين، فعسكروا بظاهرها وخندقوا عليهم مما يلي جيش مروان، وقد خندق مروان على جيشه من ناحيتهم، وأقام سنة يحاصرهم ويقتتلون في كل يوم بكرة وعشية، وأسر مروان بابن أخ لسليمان بن هشام، يدعى أمية بن معاوية بن هشام.

 

فأمر بقطع يداه ثم ضرب عنقه، وعمه سليمان والجيش ينظرون إليه، وكتب مروان إلى نائبه بالعراق يزيد بن عمر بن هبيرة يأمره بقتال الخوارج الذين في بلاده، فظفر بهم ابن هبيرة، وأبادهم، وأخذ الكوفة من أيدي الخوارج وكان عليها المثنى بن عمران العائذي، وكتب مروان إلى ابن هبيرة لما فرغ من الخوارج أن يمده بعامر بن ضبارة وكان عامر من الشجعان الفتاك، فبعثه له في سبعة آلاف، فأرسلت إليه الخوارج سرية في أربعة آلاف فاعترضوه في الطريق فهزمهم ابن ضبارة وقتل أميرهم الجون بن كلاب الشيباني، وأقبل نحو الموصل، ورجع فل الخوارج إليهم، فأشار سليمان بن هشام عليهم أن يرتحلوا عن الموصل، فلا يمكنهم الإقامة بها، ومروان من أمامهم وابن ضبارة من ورائهم، وقطع عنهم المدد ولا يجدوا شيئا يأكلونه، فارتحلوا إلى حلوان ثم إلى الأهواز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى