مقال

نبي الله موسي عليه السلام “جزء 3”

نبي الله موسي عليه السلام “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع نبي الله موسي عليه السلام، فذكره بما حصل معه بالأمس، فخرج موسى عليه السلام بعيدا عن بطش فرعون، وخرج موسى تائها لا يعلم أين يذهب وإنما إرادة الله هي التي كانت تسيّره إلى أن وصل إلى مدين، فاستراح عند عين عظيمة وشاهد فتاتان بعيدتان عن العين تنتظران أن ينتهي الرعاة من الماء لتحصلا على الماء فساعدهما، وعندما عادا إلى والدهما الشيخ الكبير قصا عليه ما حدث فطلب أن يحضرا موسى له، وقال لموسى إنه ينوي تزويجه إحدى ابنتيه على أن يعمل لديه في رعي الغنم ثماني سنوات، وإن أتمم عشر سنوات فمن كرمه، وبعد إتمام العهد أخذ موسى أهله عائدا إلى مصر، وفي الطريق جاءه نداء الله تعالى بأمر حمل رسالة الدعوة إلى فرعون، ومن هنا بدأت رحلة نبي الله موسى عليه السلام في دعوة قومه.

 

وقد أيّد الله سبحانه وتعالى، نبيه موسى عليه السلام بآيات شاهدات بوحدانية الله عز وجل، ومن هذه الآيات الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وقد كان فرعون وقومه عند نزول كل بلاء بهم يطلبون من نبي الله موسى أن يدعو ربه ليكشف ذلك عنهم، وبعد كل ما قدّم موسى من دلائل وبراهين على وحدانية الله لم يبقي أمام فرعون إلا التخلص من نبي الله موسى عليه السلام، وأقرب طريق لتحقيق هذا هو قتل موسى عليه السلام، فسمع بذلك رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، فدافع عن موسى ودعوته مبينا لفرعون وملأه سوء أمرهم وتدبيرهم وحذرهم من بأس الله تعالي أن يحل بهم، وذكرهم بمصير من قبلهم، فنجّى الله تعالي نبيه موسى من مكرهم، ولما بلغ التجبر والطغيان عند فرعون وقومه مبلغه أمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام.

 

أن يخرج بقومه ليلا، فلما علم فرعون بخروجهم لحقهم بجيشه الكثير، وتوجه بنو إسرائيل اتجاه البحر فجعله الله لهم طريقا يبسا، ومشى فيه فرعون وجنوده فأغرقهم الله بكفرهم، فما كان من فرعون إلا أن يؤمن في تلك اللحظة، ولكن الله تعالي لم يقبل منه ذلك لفوات الأوان، وقيل أنه في طريق عودة نبي الله موسى عليه السلام من مدين لمصر رأى نارا فذهب ليعرف مصدرها، فلما وصل سمع صوت الله الخالق العظيم يقول أنا الله رب العالمين، وأمره أن يُلقي عصاه فرآها تهتز كالجان فهرب موسى عليه السلام خوفا، فأمره الله بالعودة، فأيده الله تعالي بالمعجزات وأرسله إلى فرعون الذي قابله بالاستهزاء والتكذيب والانتقاص من موسى عليه السلام، واتهموه بالسحر واستكبروا في اتباع رسالة النبي الكريم موسى عليه السلام.

 

وزادوا في كفرهم وعنادهم بعد أن رأوا من الأدلة والمعجزات ما يُحير العقول، فاشتد غضب الله عز وجل، فأمر موسى عليه السلام ومن معه بالخروج فلحقهم فرعون وجنوده، فدخلوا البحر يتبعونهم، فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق البحر بإذن الله وفتح الله عز وجل لهم الطريق حتى وصلوا إلى اليابسة ثم عاد البحر كما كان فارتطم بفرعون وجنوده ولم يُبقي الله منهم أحدا، وقد قيل أنه خطب نبي الله موسى عليه السلام في بني إسرائيل فسأله أحدهم عن أعلم الناس، فظن موسى عليه السلام، لكونه رسول رب العالمين، أنه أعلم أهل الأرض، فأجاب ذلك السائل بقوله أنا، وقد كان الأَولى به عليه السلام أن يقول ” الله أعلم ” لأن مبلغ علم الرسل والأنبياء لا يبلغ أن يحيط بكل شيء، فالإحاطة بالعلم كله من صفات الله عز وجل وحده لا شريك له.

 

فأراد الله عز وجل، أن يبين لنبيه موسى عليه السلام أن هناك من العباد من هو أعلم منه، وقد أوحى الله لنبيه موسى عليه السلام أن هناك عبدا أعلم منه يجده في مجمع البحرين، وقد أخبره الله عز وجل، بوجود من هو أعلم منه في مجمع البحرين، فسأل موسى ربه كيف يمكن الوصول إليه، فأمره الله سبحانه وتعالى، بالخروج وأن يأخذ معه حوتا، وفي المكان الذي يُفقد فيه الحوت يكون الرجل الصالح، فانطلق موسى عليه السلام، ومعه فتاه يوشع بن نون والحوت، فلما بلغا الصخرة غلبهما النعاس فناما، فخرج الحوت من مكانه وهرب إلى البحر، ثم استيقظ موسى عليه السلام، وتابع مسيره في البحر دون أن يتفقد الحوت، وبعدما نال التعب والجوع منهما قال لفتاه بأنه يريد أن يأكل، فتذكر الفتى أمر الحوت وقال له بأنه نسي الحوت عند الصخرة وأن ذلك من الشيطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى