مقال

الصحابي أبو إمامة الباهلي “جزء 3”

الصحابي أبو إمامة الباهلي “جزء 3”

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الصحابي أبو إمامة الباهلي، ثم ذكر قصة دخولهم على هرقل واستخلائهم، فأخرج لهم ربعة فيها صفات الأنبياء، إلى أن أخرج لهم صورة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا هي بيضاء، فقال أتعرفون هذا؟ قال فبكينا، وقلنا نعم، فقام قائما ثم جلس فقال والله إنه لهذا قلنا نعم قال فأمسك ثم قال أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لأنظر ما عندكم، ثم قال لو طابت نفسي بالخروج من ملكي لوددت أني كنت عبدا لأسدكم في ملكه حتى أموت، قال فلما رجعنا حدثنا أبا بكر فبكى ثم قال لو أراد الله به خيرا لفعل، ثم قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم واليهود يعرفون نعت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وعظ أبو أمامة الباهلي فقال عليكم بالصبر فيما أحببتم وكرهتم، فنعم خصلة الصبر، ولقد أعجبتكم الدنيا وجرّت لكم أذيالها.

 

ولبست ثيابها وزينتها إن أصحاب نبيّكم كانوا يجلسون بفناء بيوتهم يقولون نجلس فنسلم ويسلم علينا، وقال أبو أمامة المؤمن في الدنيا بين أربعة بين مؤمن يحسده، ومنافق يبغضه، وكافر يقاتله، وشيطان قد يُوكل به، وقال حبّبوا الله إلى الناس، يُحببكم الله، وقيل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله جعل السلام تحية لأمتنا وامانا لاهل ذمتنا، فكان ابو امامة يسلم على كل من لقيه، فلا يمر على احد سواء كان مسلما او غير مسلم، صغيرا او كبيرا، الا قال السلام عليكم، السلام عليكم، ولم يسبقه احد بالسلام الا مرة واحدة، حيث اختبأ يهودي خلف شجرة ثم خرج فجأة وسلم عليه، فقال له ابو امامة ويحك يا يهودي، ما حملك على ما صنعت؟ فقال له اليهودي رأيت رجلا يكثر السلام، فعلمت انه فضل، فأردت ان آخذ به، فقال له ابو امامة.

 

إن هذا من ادب الاسلام الذي تعلمناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تعلمه ابو امامة من الرسول صلى الله عليه وسلم ايضا بر الوالدين، وقد قيل انه كانت أم أبي أمامة مريضة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز لغزوة بدر، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمرضها، فطلب إلى أبي أمامة أن يبقى بجوار أمه يرعاها، لأن رعاية الوالدين لا تقل أجرا عن الجهاد في سبيل الله، وبالفعل ظل ابو امامة بالمدينة وماتت أمه أثناء المعركة، ولما انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاد الى المدينة زار قبرها وترحم عليها، وعن سعيد الأزدي، قال شهدت أبا أمامة وهو في النزع ، فقال لي يا سعيد، إذا أنا مت، فافعلوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا إذا مات أحدكم فنثرتم عليه التراب، فليقم رجل منكم عند رأسه، ثم ليقل يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمع.

 

ولكنه لا يجيب، ثم ليقل يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي جالسا، ثم ليقل يا فلان بن فلانة، فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله، ثم ليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا، وبالإسلام دينا، فإنه إذا فعل ذلك، قال منكر ونكير، اخرج بنا من عند هذا، ما نصنع به وقد لقن حجته ؟ قيل يا رسول الله، فإن لم أعرف أمه، قال انسبه إلى حواء، وتوفي أبو إمامه رضى الله عنه، سنة إحدى وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة، ويقال مات سنة ست وثمانين، في خلافة عبد الملك بن مروان، وقيل أنه آخر من توفى من الصحابة في الشام، وهكذا كانت الصحابة وكانت الأنصار وهم أهل يثرب، وقد شاع اسم يثرب قديما ووجد في نقوش وكتابات غير عربية فظهر في جغرافية بطليموس اليوناني باسم يثربا.

 

 

وفي كتاب اسطفان البيزنطي باسم يثرب وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران وهو اسم اتربو، وقد استوطتنها قبيلة عبيل بقيادة يثرب التي سميت باسمه ووجدوا فيها أرضا خصبة وشجرا وماء حتى جاء العماليق وسكنوها بعدهم والعماليق هم من أحفاد نبى الله نوح عليه السلام، فقد خرجوا من بابل واستوطنوا ما بين تهامة ومكة وبقوا فيها إلى زمن ملكهم السميدع، ثم جاءت جرهم فأخرجتهم من المنطقة وسكنت مكة، وقد اكتسبت يثرب مكانتها المقدسة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام إليها، وأصبحت المدينة المنورة وهى ثاني الحرمين الشريفين، وقد تكونت فيها أول دولة إسلامية دستورها هو القرآن الكريم، وأصبحت أول عاصمة إسلامية لدولة يحكمها رسول مبعوث هو محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعده الخلفاء الراشدون حتى وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان وكان الخليفة الراشدي الرابع هو الإمام علي بن أبي طالب، وقد تم نقل العاصمة من المدينة المنوره، للكوفة بالعراق، بعد ذلك وكان لأسباب سياسية وبعد ذلك نقلها الخليفة معاوية بن أبي سفيان إلى دمشق، ثم نقلها العباسيون لبغداد بعد تأسيسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى