مقال

إذا مات الإنسان.

إذا مات الإنسان.

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الموت هو الحقيقة الواضحة الظاهرة التي لا ينكرها أحد وإن الموت قد كتبه الله عز وجل علي كل حي ولكن هل بعد الموت باقية أم هل ينتهي كل شيء للإنسان ؟ وهنا ينادي علينا جميعا النبي صلي الله عليه وسلم حتي يعلمنا ويخبرنا بأن هناك باقية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو” رواه مسلم، وقال الإمام النووي رحمه الله، قال العلماء معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له، إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها والصدقة الجارية وهي الوقف، وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، الصدقة الجارية من أوسعها وأعمّها وأنفعها.

 

وأفضلها هي بناء المساجد، لأن المسجد تقام فيه الصلوات، وقراءة القرآن، ودروس العلم، ويُؤوى الفقراء في الحرّ والبرد، وفيه مصالح كثيرة ليلا ونهارا، ثم هو أدوم من غيره، كذلك الماء حيث يحفر الإنسان عينا يشرب منها الناس، فهذه صدقة جارية، وكذلك الأربطة وهي مساكن لطلاب العلم وكتب العلم وايضا الصدقه دواء للمرضى فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” داووا مرضاكم بالصدقة” صحيح الجامع،والصدقه تدفع ميتة السوء وتكون سببا لحسن الخاتمة فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام ” يا معشر النساء تصدقن، فإني أريتكن أكثر أهل النار” متفق عليه وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله إنما أمرهن بالصدقة لأمور، أن الصدقة من فوائدها أنها تدفع ميتة السوء.

 

وتكون سببا لحسن الخاتمة وايضا الصدقه سبب فى حلول البركة في المال وزيادته فقال الله عز وجل ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ومن فوائد الآية هي البشرى لمن أنفق، بالزيادة لقوله تعالى ” والله يعدكم مغفرة منه وفضلا” فإن قال قائل كيف يزيد الله تعالى المنفق فضلا ونحن نشاهد أن الإنفاق ينقص المال حسا فإذا أنفق الإنسان من العشرة درهما صارت تسعة فما وجه الزيادة ؟ فالجواب أما بالنسبة لزيادة الأجر في الآخرة فالأمر ظاهر، فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأما بالنسبة للزيادة الحسية في الدنيا فمن عدة أوجه، فالوجه الأول وهو أن الله عز وجل قد يفتح للإنسان باب رزق لم يخطر له على بال.

 

فيزداد ماله والوجه الثاني هو أن هذا المال ربما يقيه الله سبحانه وتعالى آفات لولا الصدقة لوقعت فيه، وهذا مشاهد فالإنفاق يقي المال الآفات والوجه الثالث هو البركة في الإنفاق بحيث ينفق القليل وتكون ثمرته أكثر من الكثير، وإذا نزعت البركة من الإنفاق فقد ينفق الإنسان شيئا كثيرا في أمور لا تنفعه أو تضره وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما نقصت صدقة من مال” رواه مسلم وفى هذا الحديث معنيين وأحدهما هو معناه أنه يبارك فيه، ويندفع عنه المضرات، فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرك بالحسّ والعادة والثاني هو أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المترتب عليه جبر لنقصه وزيادة إلى أضعاف كثيرة وايضا الصدقه سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات والوقاية من النار.

 

فقال الله عز وجل ” يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد، الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” وقال العلامة السعدي رحمه الله، لما حثهم على الإنفاق النافع ونهاهم عن الإمساك الضار بيّن لهم أنهم بين داعيين داعي الرحمن، وداعي الشيطان، فمن كان مُجيبا لداعي الرحمن وأنفق مما رزقه الله تعالي، فليبشر بمغفرة الذنوب وقال الله جل جلاله ” وإن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير” وقال العلامة محمد العثيمين رحمه الله ومن فوائد الآية أن الصدقة سبب لتكفير السيئات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى