مقال

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 6”

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الإمام علي بن أبى طالب، وتوجه عمرو بن بكر إلى الفسطاط بمصر حيث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة حيث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وانتظر عبد الرحمن بن ملجم في فجر هذا اليوم حتى خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه من بيته لصلاة الفجر، وأخذ يمر على الناس يوقظهم للصلاة، وكان لا يصطحب معه حراسا، حتى اقترب من المسجد فضربه شبيب بن نجدة ضربة وقع منها على الأرض، لكنه لم يمت منها، فأمسك به ابن ملجم، وضربه بالسيف المسموم على رأسه، فسالت الدماء على لحيته، كما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم مشهد قتله قبل ذلك، ولما فعل ذلك عبد الرحمن بن ملجم قال يا علي الحكم ليس لك ولا حكم إلا لله، وأخذ يتلو قول الله تعالى “ومن الناس من يشرى نفسه إبتغاء مرضاة الله، والله رءوف بالعباد”

 

ونادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليكم به، فأمسكوا بعبد الرحمن بن ملجم، وفر شبيب في البلاد، وقدم علي رضي الله عنه جعدة بن هبيرة رضي الله عنه ليصلى بالناس صلاة الفجر، وحمله الناس إلى بيته، وعلم رضي الله عنه أن هذا السيف مسموم، وأنه ميّت لا محالة، وخاصة أن هذه الضربة وقعت كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستدعى عبد الرحمن بن ملجم، وكان مكتوف الأيدي، فقال له الإمام علي رضي الله عنه أي عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال بلى، قال فما حملك على هذا؟ قال شحذته، أي السيف، أربعين صباحا، وسألت الله أن يُقتل به شر خلقه، فقال له الإمام علي والله ما أراك إلا مقتولا، وقد استجاب الله لك، ثم قال علي رضي الله عنه إن مت فاقتلوه، وإن عشت فأنا أعلم ماذا أفعل به، فقال جندب بن عبد الله يا أمير المؤمنين.

 

إن مت نبايع الحسن؟ فقال رضي الله عنه لا آمركم ولا أنهاكم، ولما احتضر على رضي الله عنه جعل يكثر من قول لا إله إلا الله حتى تكون آخر كلامه، ثم أوصى الحسن والحسين بوصيته وكتباها، وهى بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون “قل إن صلاتى ونسكى ومحياي ومماتى لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين” أوصيك يا حسن وجميع ولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا، فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول “إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاه والصيام ”

 

وانظروا إلى ذوي أرحامكم، فصِلوا، ليهون الله عليكم الحساب، الله الله في الأيتام، فلا تعفو أفواههم ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم، والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا، والله الله في شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، والله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب، والله الله في ذمة نبيكم لا تظلمن بين ظهرانيكم، والله الله في أصحاب نبيكم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بهم، والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معاشكم، والله الله فيما ملكت أيمانكم.

 

فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال ” أوصيكم بالضعيفين، نسائكم وما ملكت أيمانكم ” والصلاة الصلاة، لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فيولي الأمر شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر، والتقاطع، والتفرق، وتعاونوا على البر، والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله، إن الله شديد العقاب، حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ عليكم نبيكم، أستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام، ورحمة الله، ثم لم ينطق رضي الله عنه بعد ذلك إلا بلا إله إلا الله حتى كانت آخر لحظة في حياته رضي الله عنه وأرضاه، وقرأ قول الحق سبحانه وتعالى “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره”

 

ولقي ربه شهيدا رضي الله عنه وأرضاه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وزوج ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمه، وغسّله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وصلى عليه ابنه الحسن رضي الله عنه، ثم جاءوا بعبد الرحمن بن ملجم وأقاموا عليه الحدّ فقتلوه بسيفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى