مقال

أبي يحيي صهيب الرومي ” جزء 1″ 

أبي يحيي صهيب الرومي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد تميز جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بأنه كان أفضل الأجيال على الإطلاق، فقد سخر هذا الجيل العظيم جهوده من أجل دعوة الناس إلى دين الله عز وجل، ونشر رسالة الإسلام في ربوع المعمورة، كما توفرت في شخصيات هذا الجيل كثير من الصفات والفضائل التي أهلته لأن يحوز تلك المكانة العظيمة في التاريخ الإسلامي، ولقد وصف الله سبحانه وتعالى صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم في كتابه العزيز بعدة صفات من بينها أنهم أشداء على الكفار، رحماء بينهم، كما حفلت كتب السير بكثير من المواقف والأحداث التي كشفت عن صفات كثيرة لهذا الجيل، ومن صحابة هذا الجيل هو الصحابى صهيب الرومي، وهو صهيب بن سنان بن مالك الرومي، وقد عُرف بحمرة بشرته، وهو عربي على عكس ما يظن الكثير من الناس.

 

فأصله من بني نمر بن قاسط في اليمن، وأمه من بني تميم، وهو معروف بالرومي، لأن الروم سبته صغيرا، فتربى في ديارهم، وأخذ عنهم لسانهم، وقد اشتراه تاجر من العرب، فأتى به مكة، وباعه لعبد الله بن جدعان الذي أعتقه من حياة الرق، وفي أوائل أيام البعثة بايع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان من السابقين إليه، وحسنت سيرته بين الصحابة، وكانت له قصص مشهودة في إشهار إسلامه، وصبره على أذى المشركين، وفي هجرته وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممن اعتزلوا فتنة مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه حتى وفاته سنة ثماني وثلاثون من الهجرة، وصهيب بن سنان بن مالك ويقال عنه هو خالد بن عبد عمرو بن عقيل، وأمه من بني مالك بن عمرو بن تميم، وهو الرومي قيل له ذلك لأن الروم سبوه صغيرا.

 

وقيل أنه كان أبوه وعمه على مدينة الأبلة من جهة كسرى، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل، فنشأ صهيب بالروم فصار مثلهم، ثم اشتراه رجل من كلب فباعه بمكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التميمي، فأعتقه، وكان صهيبا جوادا كريم العطاء وكان ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله، ويعين المحتاج ويغيث المكروب، ويطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، حتى أثار سخاؤه المفرط انتباه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال “أراك تطعم كثيرا حتى أنك تسرف” فأجابه صهيب لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “خياركم من أطعم الطعام ورد السلام” فذلك الذي يحملني على أن أطعم الطعام، ولقد كان والده حاكم الأبلة ووليا عليها لكسرى، فهو من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام بعهد طويل.

 

وله قصر كبير على شاطئ الفرات، فعاش صهيب طفولة ناعمة سعيدة، إلى أن سبي بهجوم رومي، وقضى طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم، وأخذ لسانهم ولهجتهم، وباعه تجار الرقيق أخيرا لعبد الله بن جدعان في مكة وأعجب سيده الجديد بذكائه ونشاطه وإخلاصه، وكانت نتيجة إعجاب سيده بذكائه ونشاطه وإخلاصه أعتقه وحرره وأخذ يتاجر معه حتى أصبح لديه المال الكثير، ويقول عمار بن ياسر رضى الله عنه، لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت له ماذا تريد؟ فأجابني ماذا تريد أنت؟ قلت له أريد أن أدخل على محمد صلى الله عليه وسلم، فأسمع ما يقول، قال وأنا أريد ذلك، فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا.

 

ونحن مستخفيان فكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “السباق أربعة أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق الفرس” وكان عندما هم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالهجرة، علم صهيب به، وكان من المفروض أن يكون ثالث الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر رضى الله عنه، ولكن أعاقه الكافرون، فسبقه الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وحين استطاع الانطلاق في الصحراء، أدركه قناصة قريش، فصاح فيهم “يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجل، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى