مقال

أبو عبيدة عامر بن الجرّاح القرشي ” جزء 1″

أبو عبيدة عامر بن الجرّاح القرشي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

هو الصحابي الجليل عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري، أبو عبيدة، مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جده، وأمه أميمة بنت غنم ، ولد سنة أربعين قبل الهجرة وكان رجلا نحيفا معروق الوجه، وكان أبو عبيدة رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، وقد عُرف الصحابي أبو عبيدة الجراح بالزهد والأمانة والقيادة كما أنه كان من الصحابة الذين طبقوا مبدأ الشورى ويظهر ذلك في موقفه مع جنده عند احتشاد الروم لاستعادة أرض الشام، ولقد عاش أبو عبيدة ما يقرب من نصف عمره في الجاهلية، فلم نجد في مدونات التاريخ ما يدل على حياته ووجوده، فلما أسلم بزغ نجمه وذاع اسمه، وعلا صيته، وقد رافق رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة حوالي عشرة أعوام، ثم هاجر إلى المدينة، وصاحب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في المدينة عشر سنوات.

 

ولم يكن يشغله عن حضور مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خروجه في سرية يغيب فيها عن المدينة أسبوعا أو شهرا، وقد أسلم أبو عبيده عامر بن الجراح في اليوم التالي لإسلام أبي بكر رضي الله عنه، وكان إسلامه على يدي الصديق نفسه، فمضى به وبعبد الرحمن بن عوف وبعثمان بن مظعون وبالأرقم بن أبي الأرقم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأعلنوا بين يديه كلمة الحق، فكانوا القواعد الأولى التي أقيم عليها صرح الإسلام العظيم، وهاجر أبو عبيدة إلى أرض الحبشة فيمن هاجروا إليها من المسلمين، إلا أنه لم يُطل المُكث بها، فقد عاد إلى مكة مرة أخرى، ثم هاجر إلى المدينة بعد ذلك، ونزل على كلثوم بن الهدم الأوسي، وبعد وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

إلى دار الهجرة، آخى بين المهاجرين والأنصار، فآخى بين أبي عبيدة وبين أبي طلحة، وإن الأوسمة إنما توضع على صدور الرجال تشريفا وتكريما لهم في الدنيا والله أعلم بمن يستحق الشرف، أما أوسمة النبي صلى الله عليه وسلم فهي أوسمة صدق وعدل وخيري الدنيا والآخرة، وقد حمل أبو عبيدة أعظمها شرفا وأزكاها عند الله، كيف لا يعطيها النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيده وهو الذي قال فيه وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ” نعم الرجل أبو عبيدة بن الجرّاح ” وعن عبد الله بن شقيق قال قلت للسيدة عائشة رضي الله عنها أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت أبو بكر، قلت ثم مَن؟ قالت عمر، قلت ثم من؟

 

قالت ثم أبو عبيدة بن الجراح، قلت ثم من؟ قال فسكتت، وقد أحبه حب النبي صلى الله عليه وسلم له ومن ثناؤه عليه، أنه روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح” وما كان الصحابة يسعون ويسابقون إلا لنيل بركة ودعوة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وشهاداته الصادقة فهذا عمر بن الخطاب عندما طلب أهل اليمن الأمين قال “ما تعرضت للإمارة، وما أحببتها، غير أن ناسا من أهل نجران أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فاشتكوا إليه عاملهم فقال ” لأبعثن عليكم الأمين ” قال عمر فكنت فيمن تطاول، رجاء أن يبعثني، فبعث أبا عُبيدة ” وبعد تولي عمر الخلافة حفظ لأبي عبيدة هذه المنقبة فقد ولاه الأمارة وأعطاه القيادة العامة بل وقد أحبه حبا عظيما حتى قال يوما لجلسائه تمنوا، فتمنوا، فقال عمر “لكني أتمنى بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيده بن الجراح” وأبو عبيده لم يفارق خياله ولا وجدانه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا هديه ومنهجه، وتشوقت نفسه للحوق به فكان على نهجه من ترك للدنيا والتقلل منها ليخف الحمل وتسير النفس إلى الله سيراً سريعا، وقد تعرض لأبي عبيده ليرى أخاه على ما يحب ويرضى، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى