مقال

معركة كربلاء ومقتل الحسين ” جزء 3″

معركة كربلاء ومقتل الحسين ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع معركة كربلاء ومقتل الحسين، والأفضل أن يترك الإنسان نقاشات الفتنة الكبرى وألا يكثر الحديث في مصير يزيد بن معاوية وأن يلتزم قول الإمام أحمد في يزيد “يزيد لا نلعنه ولا نحبه” فبعد تنازل الحسن بن علي بن أبي طالب عن الخلافة وقيامه مع أخوه الحسين بمبايعة معاوية بن أبى سفيان، وذلك لحقن الدماء وتوحيد الكلمة بعد سلسلة من الصراعات الداخلية بين المسلمين ابتداء من فتنة مقتل عثمان بن عفان إلى معركة الجمل ومعركة صفين وقد أثنى الكثير على هذه المبادرة وسمي العام الذي تم فيه الصلح عام الجماعة، وكانت مبادرة الصلح والتنازل كانت مشروطة بعودة طريقة الخلافة إلى نظام الشورى بعد موت معاوية، وقد أعقب هذاالصلح فترة من العلاقات الهادئة بين أعداء الأمس في معركة صفين.

 

ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين ملتزما ببنود الصلح بل إن الحسين اشترك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية بقيادة ابنه “يزيد” في سنة تسعة وأربعين هجريا، وعندما قام معاوية وهو على قيدالحياة بترشيح ابنه “يزيد بن معاوية” للخلافة من بعده قوبل هذا القرار بردود فعل تراوحت بين الإندهاش والإستغراب إلى الشجب والإستنكار فقد كان هذا في نظر البعض نقطة تحول في التاريخ الإسلامي من خلال توريث الحكم وعدم الإلتزام بنظام الشورى الذي كان متبعا في اختيار الخلفاء السابقين وكان العديد من كبار الصحابة لايزالون على قيد الحياة، واعتبر البعض اختيار يزيد للخلافة يستند على عامل توريث الحكم فقط وليس على خبرات المرشح الدينية والفقهية، وبدأت بوادر تيار معارض لقرار معاوية بن أبي سفيان بتوريث الحكم.

 

تركز بالحسين بن علي، وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر بن الخطاب، وعند وفاة معاوية بن أبي سفيان أصبح ابنه يزيد بن معاوية خليفة ولكن تنصيبه قوبل بمعارضة من قبل بعض المسلمين وكانت خلافة يزيد التي دامت ثلاث سنوات وهى وصلة حروب متصلة، ففي عهده حدثت معركة كربلاء ثم حدثت ثورة في المدينة انتهت بوقعة الحرة وانتهبت المدينة، كما سار مسلم بن عقبة المري إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير وأصيبت الكعبة بالمنجنيقات، وحاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة يطلب فيها أخذ البيعة من الحسين الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الحسين رفض أن يبايع يزيد بن معاويه، وغادر المدينة سرا إلى مكة واعتصم بها، منتظرا ما تسفر عنه الأحداث.

 

ووصلت أنباء رفض الحسين بن علي مبايعة يزيد واعتصامه في مكة إلى الكوفة التي كانت أحد معاقل القوة لشيعة علي بن أبي طالب وبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة، وبعد تلقيه العديد من الرسائل من أهل الكوفة قرر الحسين أن يستطلع الأمر فقام بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليكشف له حقيقة الأمر، وعندما وصل مسلم إلى الكوفة شعر بجو من التأييد لفكرة خلافة الحسين بن علي ومعارضة لخلافة يزيد بن معاوية وقيل أنه يوجد ثمانية عشر ألف شخص بايعوا الحسين ليكون الخليفة وقام مسلم بإرسال رسالة إلى الحسين يعجل فيها قدومه، وقيل ان مجيء آل البيت بزعامة الحسين.

 

كان بدعوة من اهل الكوفة، وقام اصحاب واقارب واتباع الحسين بأسداء النصيحة له بعدم الذهاب إلى ولاية الكوفة ومنهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر بن ابي طالب وابو سعيد الخدري وعمرة بنت عبد الرحمن، حيث حذر أبو سعيد الخدري من إعطاء الخصم الذريعة بالخروج عن الطاعة لولي الامر، وكذلك عمرة بنت عبد الرحمن، ولكن الحسين كان مصرا اصرارا كبيرا على الخروج، وكما اسدى له ابن عباس النصح براي اخر مهم، فقال له فإن ابيت الا أن تخرج فسر إلى اليمن فان بها حصونا وشعابا ولأبيك بها انصارا، ولكن هذا الخبر وصل بسرعة إلى الخليفة الأموي الجديد الذي قام على الفور بعزل والي الكوفة النعمان بن بشير، وذلك بتهمة تساهله مع الإضطرابات التي تهدد حكم بني أمية وقام الخليفة يزيد بتنصيب والي آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى