مقال

أبو الدرداء عويمر بن زيد ” جزء 1″

أبو الدرداء عويمر بن زيد ” جزء 1″

بقلم / محمــد الدكـــرورى

 

لقد عاش النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في مكة وحيدا شريدا، يبحث عن النصرة، ويتطلع إلى المناصرين، فلم يجد أمة تنصره، ولا قبيلة تؤازره، وكان أصحابه مستضعفين مستذلين، تطالهم يد الباغي، وتنهشهم سهام الظالم، ومن نجا اليوم لم ينج غدا، حتى أكرمه الله عز وجل بالصحابه الكرام، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم بين أيديكم وأرجلِكم، ولا تعصوني في معروف فمن وفّى منكم، فأجره على الله، ومن أصاب شيئا فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه” فبايعوه على ذلك، وكان من الصحابة الكرام ذاك الفارس الحكيم أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه من آخر الأنصار إسلاما، وكان يعبد صنما، فدخل ابن رواحة ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهما بيته فكسرا صنمه، فرجع فجعل يجمع الصنم، ويقول ويحك، هلا امتنعت، ألا دفعت عن نفسك، فقالت أم الدرداء لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دفع عن نفسه ونفعها، وأبو الدرداء هو عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخر من أسلم من الأنصار، وله مكانة ومنزلة خاصة عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أبو الدرداء أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن كاملا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان للرسول صلى الله عليه وسلم، أثرا كبيرا في تربية أبي الدرادء، وأوصاه أكثر من مرة بالأعمال التي تحقق له مصلحته في الدنيا والآخرة.

 

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، عالما قاضيا، خائفا خاشيا من الله تعالى، حريصا على الأخوة في الله، حريصا على دعوة الإسلام، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول، أعوذ بالله أن يأتي علي يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، كان إذا لقيني مقبلا ضرب بين ثديي، وإذا لقيني مدبرا ضرب بين كتفي، ثم يقول يا عويمر، اجلس فلنؤمن ساعة، فنجلس فنذكر الله ما شاء، ثم يقول يا عويمر، هذه مجالس الإيمان، ولما قيل لأبي الدرداء رضي الله عنه ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا؟ قال “إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي، وأخوة الدين أوكد من أخوة القرابة” وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول “إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي، أسميهم بأسمائهم” وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد.

 

فأبيع وأشتري فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول إن الله لم يحل البيع ويحرم الربا، ولكن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وقد قال أبو الدرداء أعدي لي ماء في المغتسل، فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه ابن رواحه رضي الله عنه مقبلا، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا، فقال صلى الله عليه وسلم ” إنما جاء ليسلم، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم ” ولأبي الدرداء رضي الله عنه المكانة العالية والمنزلة المرموقة بين صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ” نعم الفارس عويمر ” وقال عنه أيضا صلى الله عليه وسلم ” هو حكيم أمتي ” وعن الضحاك قال.

 

قال أبو الدرداء رضي الله عنه يا أهل دمشق، أنتم الإخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء، ما يمنعكم من مودتي، وإنما مؤنتي على غيركم، ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجُهّالكم لا يتعلمون، وأراكم قد أقبلتم على ما تكفل لكم به، وتركتم ما أمرتم به، ألا إن قوما بنوا شديدا، وجمعوا كثيرا، وأملوا بعيدا، فأصبح بنيانهم قبورا، وأملهم غرورا، وجمعهم بورا، ألا فتعلموا وعلموا، فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في الناس بعدهما ” وعن يزيد بن عميرة قال لما حضرت معاذ بن جبل رضي الله عنه الوفاة، قيل له يا أبا عبد الرحمن، أوصنا، فقال ” التمسوا العلم عند عويمر أبي الدرداء فإنه من الذين أوتوا العلم” وقد ولي أبو الدرداء رضي الله عنه قضاء دمشق، وكان من العلماء الحلماء الألباء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى