مقال

نفحات إيمانية ومع خالد بن زيد الأنصاري ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع خالد بن زيد الأنصاري ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع خالد بن زيد الأنصاري، وبعد الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأبي أيوب “ائتنا غدا” وكان النبي صلى الله عليه وسلم، لا يصنع له أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه, فلما كان الغد, ذهب أبو أيوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فأهداه جارية صغيرة تخدمه, وقال له استوصى بها خيرا, وعاد أبو أيوب إلى زوجته ومعه الجارية, وقال لزوجته هذه هدية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنا, ولقد أوصانا بها خيرا وأن نكرمها, فقالت أم أيوب وكيف تصنع بها خيرا لتنفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رضى الله عنه، أفضل شيء أن نعتقها ابتغاء وجه الله وقد كان، وقد عاش أبو أيوب حياته غازيا.

 

حتى قيل إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاته ظل جنديا في ساحات الجهاد, وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية بن أبى سفيان جيشا بقيادة ابنه يزيد لفتح القسطنطينية, وكان أبو أيوب وقتها بلغ عمره ثمانين سنة, ولم يمنعه كبر سنه من أن يقاتل في سبيل الله, ولكن في الطريق مرض مرضا أقعده عن مواصلة القتال, وكانت آخر وصاياه أن أمر الجنود أن يقاتلوا, وأن يحملوه معهم, وأن يدفنوه عند أسوار القسطنطينية، ولفظ أنفاسه الأخيرة, وهناك حفروا له قبرا وواروه فيه،ولقد كان النبيصلى الله عليه وسلم، قد دخل المدينة مختتما بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة، ومستهلا أيامه المباركة في دار الهجرة.

 

التي ادَّخر لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس، وسار الرسول صلى الله عليه وسلم، وسط الجموع التي اضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة، ومحبة وشوقا، ممتطيا ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامه، والكل يريد أن يستضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بلغ الموكب دور بني سالم بن عوف، فاعترضوا طريق الناقة قائلين يا رسول الله، أقم عندنا، فلدينا العدد والعدة والمنعة, ويجيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قبضوا بأيديهم على زمام الناقة ” خلوا سبيلها فإنها مأمورة ” ويبلغ الموكب دور بني بياضة، فحيّ بني ساعدة، فحيّ بني الحارث بن الخزرج، فحيّ عدي بن النجار، وكل بني قبيلة من هؤلاء يعترض سبيل الناقة.

 

وملحّين أن يسعدهم النبي صلى الله عليه وسلم، بالنزول في دورهم، وهو يجيبهم, وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة ” خلوا سبيلها فإنها مأمورة ” فكان الرسول صلى الله عليه وسلم، ممعنا في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه، ومن أجل هذا ترك هو أيضا زمام ناقته وأرسله، فلا هو يثني به عنقه، ولا يستوقف خطاه، وتوجه إلى الله بقلبه، وابتهل إليه بلسانه ” اللهم خر لى، واختر لى ” وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة، ثم نهضت وطوفت بالمكان، ثم عادت إلى مبركها الأول، وألقت جرانها، واستقرت في مكانه، وكان هذا السعيد الموعود، الذي بركت الناقة أمام داره، وصار الرسول صلى الله عليه وسلم، ضيفه، ووقف أهل المدينة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية.

 

هو البطل أبو أيوب الأنصاري، الذي جعلت الأقدار من داره أول دار يسكنها المهاجر العظيم والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن سعيد بن المسيب أن أبا أيوب أخذ من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، شيئا, فقال له صلى الله عليه وسلم “لا يصيبك السوء يا أبا أيوب” وعن أبي رهم، أن أبا أيوب حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم، نزل في بيته, وكنت في الغرفة فهريق ماء في الغرفة، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا نتتبع الماء شفقا أن يخلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا مشفق فسألته, فانتقل إلى الغرفة, قلت يا رسول الله, كنت ترسل إليّ بالطعام فأنظر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى