مقال

الدكرورى يكتب عن غزوة حنين “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن غزوة حنين “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

غزوة حنين من الغزوات المهمة في التاريخ الإسلامي، وذلك لما لها من أثر كبير في تثبيت دعوة الإسلام في الجزيرة العربية، وتأسيس الدولة الإسلامية، وقد كانت هذه الغزوة تحت قيادة الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، وتعتبر غزوة حنين من الغزوات المهمة في التاريخ الإسلامي، فقد حدثت تلك الغزوة في مرحلة حاسمة من مراحل الدعوة الإسلامية، حيث فتحت مكة المكرمة في السنة الثامنة للهجرة، وأصبح للمسلمين دولتهم التي يحسب القاصي والداني لها ألف حساب، ولقد كان فتح مكة هوالفتح الأعظم الذي أعز الله سبحانه وتعالى به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين، من أيدي الكفار والمشركين وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء ودخل الناس به في دين الله أفواجا.

 

وأشرق به وجه الأرض ضياء إبتهاجا، وكان لهذا الفتح الأعظم رد فعل معاكس لدى القبائل العربية الكبيرة القريبة من مكة، وفي مقدمتها قبيلتا هوزان وثقيف، وفي شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة، أي بعد فتح مكة بوقت قصير بلغ خبر للنبي صلى الله عليه وسلم مفاده أن بني سعد بن بكر من هوازن وثقيف يحضّرون لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكان السبب فى غزوة حنين هو فتح مكة، إذ إن فتح مكة من قبل المسلمين عمل عدة ردود أفعال معاكسة لدى القبائل العربية في الجزيرة العربية، خصوصا القبائل الكبرى التي تسكن إلى جوار مكة، ورأت في الإسلام خطرا عليها، فلما استيقن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخبر، جهز المسلمين لملاقاتهم، وقد كانوا عشرة آلاف مقاتل من المهاجرين والأنصار.

 

وألفين من طلقاء أهل مكة، وكان عدد جيش عدوهم ضعف عددهم أو أكثر، حيث تراوح عددهم بين عشرين وثلاثين ألفا، وكان هذا الجيش يضم قبيلتي هوازن وثقيف بأكملهما، ويُذكر أن هوازن وثقيفا هم أهل الطائف الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان قبل ذلك، لكنهم قابلوه أسوأ مقابلة حينها، ثم عادوا ليحضّروا أنفسهم لقتاله مرة أخرى، فقد اجتمع رؤساء هذه القبائل، وسلموا قياد أمرهم إلى مالك بن عوف، سيد هوزان، وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم وكان مالك بن عوف رجلا شجاعا ومقداما، إلا أنه كان سقيم الرأي، وسيئ المشورة، فقد خرج بقومه أجمعين، رجالا ونساء وأطفالا وأموالا ، ليُشعر كل رجل وهو يقاتل أن ثروته وحرمته وراءه فلا يفرّ عنها.

 

وقد اعترضه في موقفه هذا دريد بن الصمة، وكان فارسا مجربا محنكا، قد صقلته السنون، وخبرته الأحداث ، قائلا له “وهل يردّ المنهزم شيء؟ إن كانت الدائرة لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضُحت في أهلك ومالك، فسفه مالك رأيه، وركب رأسه، وأصر على المضي في خطته، لا يثنيه عن ذلك شيء، وانتهى خبر مالك وما عزم عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يجهز جيشه، ويعد عدته لمواجهة هذا الموقف وكان مالك بن عوف قد استبق زمام المبادرة وتوجه إلى حنين، وأدخل جيشه بالليل في مضائق من ذلك الوادي، وفرّق أتباعه في الطرق والمداخل، وأصدر إليهم أمره، بأن يرشقوا المسلمين عند أول ظهور لهم، ثم يشدوا عليهم شدة رجل واحد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عبّأ جيشه بالسحر أي قبل الفجر.

 

وعقد الألوية والرايات، وفرّقها على الناس وقبل أن يبزغ فجر ذلك اليوم، استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بما كان قد دُبر لهم بليل، أي الترتيب الذي جهزه جيش العدو، وبينما هم ينحطون على ذلك الوادي، إذا بالنبال تمطر عليهم من كل حدب وصوب، وإذا بكتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانهزم المسلمون راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة لذلك الجمع الكبير، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، وهو يقول‏‏ إالى يا عباد الله، ‏أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب “‏ ولم يبقي معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي المسلمين للتجمع حوله مرة أخرى بعد تفرقهم، وأمر عمه العباس بذلك وكان جهوري الصوت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى