مقال

الدكروري يكتب عن غزوة ذات الرقاع “جزء 1”

الدكروري يكتب عن غزوة ذات الرقاع “جزء 1”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

إن الجهاد في سبيل الله عز وجل، هو مفتاح الخير، وباب الفلاح، وإن الجهاد في سبيل الله تعالى هو باب الشهادة، والشهادة ثوابها الجنة، والشهيد حي عند ربه، والمجاهد في سبيل الله أفضل من القاعد المتقاعِس، له درجات عند الله، وفضل عظيم، وقد وقعت غزوة ذات الرقاع في شهر ربيع الأول في السنة السابعة من الهجرة، أي فور رجوع المسلمين من فتح خيبر، فهي حركة دائبة من الجهاد في سبيل الله عز وجل، وبعض كُتاب السير يضعون غزوة ذات الرقاع في أحداث السنة الرابعة، وهذا لا يستقيم، لأن أبا موسى الأشعري رضى الله عنه كما ثبت في البخاري، أنه قد شارك في غزوة ذات الرقاع، وأبو موسي رضى الله عنه، بالاتفاق لم يأتي إلى المدينة المنورة إلا في العام السابع من الهجرة مع قدوم جعفر بن أبي طالب رضى الله عنهما، إلى المدينة المنورة.

 

أي جاء بعد فتح خيبر، وتعد غزوة ذات الرقاع واحدة من غزوات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الشّاقة التي عاني فيها المسلمون الكثير من المشقة والجهد من أجل نشر الدعوة الإسلامية في ربوع شبه الجزيرة العربية، وقد سُمّيت هذه الغزوة بهذا الاسم نظرا لما أصاب أقدام المسلمين من النقب والتشقق لكثرة المشي مما حدا بهم إلى لف الخرق على أقدامهم بدلا من النعال، والخرق هي الرقاع، وقيل سُميت بهذا الاسم لأن أراضيها وجبالها ذات ألوان مختلفة كأنها الرقاع، وقيل أيضا ذات الرقاع اسم لمكان وقوع الغزوة، فبعد أن تم القضاء على فتنة اليهود، وكسر شوكة قريش ومن معها، بقي هناك خطر آخر، وهو الأعراب القساة، المتواجدون في صحاري نجد والذين لم يتوقفوا عن أعمال النهب والسلب، فأراد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

تأديبهم وإخماد نار فتنتهم من جهة وتوطيد الأمن وحماية المنطقة من جهة أخرى، وقد بلغ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن بني محارب وبني ثعلبة من غطفان يُعدون العدة لغزو المدينة، فخرج إليهم في أربعمائة من المسلمين، وقيل في سبعمائة، واستخلف على المدينة أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، وتعد غزوة ذات الرقاع واحدة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، التي وضعت حدا لتمرد القبائل العربية المنضوية تحت لواء قريش وأعوانها من المنافقين المتآمرين على الإسلام وأهله، فبعد أن انتهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من شر اليهود وآذاهم في معركة خيبر وقبلها القضاء على قوة قريش العسكرية ومن معها في أكثر من موقعة بقي أمامه خطرا واحدا متمثلا في القبائل العربية التي تستوطن صحراء نجد من شبه الجزيرة العربية.

 

حيث كانوا يمارسون السلب والنهب إلى جانب إغارة النفوس على المسلمين خاصة قبيلة غطفان التي كانت ضمن القبائل الإسهام في حصار المدينة في غزوة الأحزاب، كما كانوا يخططون لمساعدة اليهود ضد المسلمين في غزوة خيبر لولا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أرسل لهم بسرية أثناء المعركة، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم، بجيشه من المدينة ، واتضحت منذ البداية الصعوبات التي تنتظرهم، فهناك نقص شديد في عدد الرواحل ، حتى إن الستة والسبعة من الرجال كانوا يتوالون على ركوب البعير، ومما زاد الأمر سوءا وعورة الأرض وكثرة أحجارها الحادة، التي أثرت على أقدامهم حتى تمزقت خفافهم، وسقطت أظفارهم، فقاموا بلف الخلق والجلود على الأرجل، ومن هنا جاءت تسمية هذه الغزوة بهذا الاسم.

 

وعن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه، قال “خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، أى ورمت وقرحت، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت ذات الرقاع، لما كنا نعصب الخرق على أرجلنا ” رواه البخارى ومسلم، ويقال أنه قد ندم أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه، أن حدث بهذا الحديث، وإنما كره ذلك وندم عليه بسبب خوفه أن يكون أظهر شيئا من عمله الذي احتسب أجره عند الله تعالى، وقال ابن هشام وإنما قيل لها غزوة ذات الرقاع، لأنهم رقعوا فيها راياتهم ويقال ذات الرقاع هي شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع، وكان الهدف الرئيس من خروج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بجيشه بعد الانتهاء من يهود خيبر وطردهم من ديارهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى