مقال

الدكروري يكتب عن الاغتسال والطهارة “جزء 2”

الدكروري يكتب عن الاغتسال والطهارة “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع الاغتسال والطهارة، وعلامة المني أن يكون كثيرا لزجا ثخينا، وذاك ما يميزه عن غيره، وإن شك في الخارج هل هو مني أو لا؟ فالأصل عدم المني، فلا يلزمه الغسل، وإنما يلزمه غسل ذكره والوضوء إن أراد الصلاة ونحوها، ومما يوجب الاغتسال أيضا هو الجماع مطلقا وهو من موجبات الغسل المفروض، ولو لم يُنزل منيّا وحد الجماع هو التقاء الختانين، بتغييب حشفة الرجل ” والحشفه هى رأس القضيب” في فرج المرأة، وذلك لما رواه الإمام مسلم وغيره عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “إذا التقى الختانان، وغابت الحشفة، وجَب الغسل أنزل أو لم يُنزل” رواه مسلم، ومن موجبات الغسل أيضا هو انقطاع الحيض، وهو الدم الخارج من رحم المرأة البالغة في أوقات معلومة، وهو بلا علة ولا مرض، ويطلق عليها اسم الدورة الشهرية، أوالعادة الشهرية عند المرأة.

 

فإذا انقطع الحيض عن المرأة وطهرت منه وجب عليها الاغتسال شرعا، وذلك لأداء العبادات التي لا تصح دون الاغتسال المفروض، ومما يوجب الغسل أيضا هو انقطاع النفاس، وهو الدم الخارج من المرأة عقب الولادة، وقد اتفق عامة الفقهاء على وجوب الغسل من النفاس بعد انقطاعه، لأنه والحيض سواء، ومن موجبات الاغتسال أيضا هو دخول الكافر في الإسلام، فإذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل سواء كان كافراً أصلياً، أو مرتداً، رجلاً، أو امرأة، اغتسل قبل إسلامه، أو لم يغتسل، ومما يوجب الغسل أيضا هو موت المسلم، فقد أجمع عامة الفقهاء على وجوب غَسل المسلم إذا مات إلا الشهيد، فإنه له أحكاماً خاصة، ويجب علينا جميعا أن نراعى أنه من أصابه حدث أكبر كالجنابة أو الحيض أو النفاس فإنه يُمنع من العبادات التي تشترط لها الطهارة حتى يغتسل.

 

وتلك العبادات هي الصلاة، والطواف، وتلاوة القرآن، ومس المصحف، والمكث في المسجد، غير أنه لم يثبت الدليل في منع الحائض والنفساء من تلاوة القرآن، ومسّ المصحف من وراء حائل، سيما إن احتاجت إلى ذلك، كمراجعة حفظ، ودراسة وتدريس، فيباح لها ذلك، لعدم المانع، كما اختار ذلك شيخ الإسلام، وما عدا هذه العبادات، فإن مَن عليه حدث أكبر لا يمنع منه، كالأذكار، والأدعية، والاستغفار، ورد السلام، وتشميت العاطس، ويُسن للجنب الوضوء عند إرادته الطعام والشراب والنوم، حيث تقول السيده عائشة رضي الله عنها “كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يأكل، أو ينام، وهو جُنب، توضأ وضوءه للصلاة” رواه مسلم، وكذا يُسن له الوضوء إن أراد معاودة معاشرة أهله قبل أن يغتسل، قيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ ” رواه مسلم.

 

والجُنب إذا لم يجد الماء، أو كان عاجزا عن استعماله حقيقة أو حكما، فإنه يعدل إلى التيمم، فهو في مقام الماء، كما أخبر الله سبحانه وتعالى، ومتى ما وجد الماء أو قدر عليه، فليتق الله وليمسه بشرته، والاغتسال على نوعين، وتحصل الطهارة بأي منهما، وهكذا ارتفاع الحدث، أما النوع الأول فهو الاغتسال المجزئ، وذلك بأن يفيض الماء على بدنه فيعمّه جميعا، فقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم، الذى أصابته الجنابه إناء من ماء، وقال له ” اذهب فأفرغه عليك ” رواه البخاري، وهذا هو القدر الواجب في الغسل، وأما عن النوع الثاني، فهو الاغتسال الكامل، وذلك بأن يغسل يديه ثلاثا، ثم يغسل فرجه وما أصابه المني، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يحثو على رأسه ثلاث حثوات من الماء تروي أصول شعره، ثم يفيض الماء على بدنه مبتدئا بشقه الأيمن، وذاك ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.

 

كما وصف ذلك زوجتاه السيده عائشة بنت أبو بكر، والسيده ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهما، فيما رواه البخاري ومسلم، ويجب علينا أن نعلم أن الصلاة هى من أجل العبادات الشرعية، وهى من أعظم الطاعات والقربات، وهى ركن من أركان الإسلام، وهى أصل من أصوله العظام، ولا نجاة بين يدي الله عز وجل، إلا بها، ولا فوز ولا فلاح يوم القيامة إلا بتحقيقها، ولقد جعل الله سبحانه وتعالى، لها أحكاما، ووضع لها آدابا وشروطا، حيث لا تصح الصلاة إلا بها، ولا تكمل إلا بتحقيقها، ومن أهم هذه الشروط وأشهرها، هو شرط الطهارة الذي لا يقبل الله سبحانه وتعالى، صلاة إلا به، وقد جاء في الصحيحين فى البخارى ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى