مقال

الدكرورى يكتب عن الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث، وقد عُد أول كتب السنن المعروفة، وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقد بلغت أحاديث هذا الكتاب ثماني مائة وأربعة آلاف حديث، صنفه وانتقاه من أصل خمسمائة ألف حديث، ولذا يُعد الكتاب من مظان الحديث الحسن، وقد رتب أبو داود كتابه على كتب وأبواب، فشمل خمسة وثلاثين كتابا، وواحدا وسبعين وثماني مائة وألف باب، ولقد جاء سهل بن عبدالله التستري إلى أبي داود السجستاني، فقيل يا أبا داود، هذا سهل بن عبدالله، جاءك زائرا، فرحب به، وأجلسه، فقال سهل يا أبا داود، لي إليك حاجة، قال وما هي؟ قال حتى تقول قد قضيتها مع الإمكان، قال نعم، قال أخرج إلي لسانك الذي تحدّث به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبّله، فأخرج إليه لسانه فقبّله.

 

وفي السنن لم يقتصر أبو داود على الصحيح، بل خرج فيه الصحيح والحسن والضعيف، وقد وضح منهجه فيه فقال ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، وقال وما كان فيه وهن شديد بيَّنته، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض، وقد جمع أبو داود كتابه هذا قديما، وحين فرغ منه عرضه على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى فاستجاده واستحسنه، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ الصحاح، عليها وعلى سنن الترمذي، لا سيما سنن أبي داود، وقال أبو داود رحمه الله كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني كتاب السنن، وجمعت فيه أربعة آلاف وثماني مائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث.

 

أحدها قوله صلى الله عليه وسلم ” الأعمال بالنيات” والثاني قوله صلى الله عليه وسلم ” من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ” والثالث قوله صلى الله عليه وسلم ” لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه ” والرابع قوله صلى الله عليه وسلم ” الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبين ذلك أمور مشتبهات ” وكان أبو داود متمسكا بسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حريصا كل الحرص على تطبيقها، وبيان أهميتها للناس ليقوموا بأدائها، وكان لأبي داود منهج أشبه بمنهج الصحابة في اتباع السنة النبوية والتسليم بها، وترك الجدل في الأمور التي تشعل نار الفتنة بين المسلمين، وقد ترك له ابنا يشبهه في كثير من صفاته وهو الحافظ ابو بكر عبد الله بن أبي داود الذي كان تلميذا نجيبا لوالده، وشارك أباه في التتلمذ على شيوخه بمصر والشام.

 

وسمع الحديث عن كبار العلماء ببغداد وخراسان وأصبهان وسجستان وشيراز، فصار عالما فقيها، وألف كتاب المصابيح، وقيل عن أبى داود ، ألين لأبى داود الحديث كما ألين لداود الحديد، وكان في الدرجة العليا من النسك والصلاح، وكان أبو داود يقول الشهوة الخفية هى حب الرياسة، وقد توفي الإمام أبو داود بالبصرة يوم الجمعة، السادس عشر من شهر شوال، سنة خمس وسبعين ومائتين، عن ثلاث وسبعين سنة، ودُفن إلى جانب قبر سفيان الثوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى