مقال

الدكروري يكتب الإسلام يكرم المرأة ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب الإسلام يكرم المرأة ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أذنبت, فهل لي من توبة؟ فقال هل لك من أم؟ قال لا، قال فهل لك من خالة؟ قال نعم، قال فبرها” رواه الترمذي، ولفضل الأم ومكانتها جعل الأم المرضعة بمنزلة الأم من النسب، ففي يوم من الأيام كان النبي عليه الصلاة السلام في الجعرانة يقسم الغنائم التي وضعت أمامه، وبينما هو منشغل بتقسيم الغنائم إذا به يلمح أمه من الرضاعة فيخلع رداءه ويضعه أرضا ويجلسها عليه، ويقول “إنها أمي التي أرضعتني” ومن عجيب ما جاء به الإسلام أنه أمر ببر الأم، حتى وإن كانت مشركة, فقد سألت أسماء بنت أبى بكر النبي صلى الله عليه وسلم عن صلة أمها المشركة، وكانت قدمت عليها, فقال لها “نعم, صلي أمك” متفق عليه، فإذا كان الإسلام أعلى من شأن الأم وأعطى لها هذه المكانة العليا فحري بنا أن نقوم ببرها وودها ورعايتها كما كان يفعل سلفنا الصالح وشواهد ذلك عديدة وكثيرة، فقد روي الإمام البزار.

 

أن رجلا كان حاملا أمه يطوف بها حول الكعبة, فسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل أديت حقها؟ قال لا, ولا بزفرة واحدة” أي من زفرات الطلق والوضع ونحوها وجاء عند البيهقي في شعب الإيمان، والبخاري في الأدب المفرد أن ابن عمر رضي الله عنهما شهد رجلا يمانيا يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره وهو يقول إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر الله ربي ذو الجلال الأكبر، حملتها أكثر مما حملتني، فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟ قال ابن عمر لا، ولا بزفرة واحدة، ورى عن رجل من التابعين يقال له حيوة بن شريح إمام محدث وراوية فقيه كان يجلس في درسه مئات من طلبة العلم ينقلون عنه علم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه، وبينما هو يلقي الدرس وفي الدرس مئات طلبة العلم تفتح أمه الباب عليه وتقول له يا حيوة قم وألقي الشعير إلى الدجاج فيقوم حيوة بن شريح القاضي إلى مكان الدجاج فيعلفه ثم يعود إلى درسه ولا يتأفف عن أمه.

 

وهذا أبو هريرة رضي الله عنه كانت أمه في بيت وهو في آخر، فإذا أراد أن يخرج وقف على بابها فقال السلام عليك يا أمّاه ورحمة الله وبركاته فتقول وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا فتقول رحمك الله كما بررتني كبيرا، وقيل أنه ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺗﻀﺮﺏ اﺑﻨﻬا ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﻣﻴﺎ، ﻭﻛﺎﻥﺍلاﺑﻦ ﻻ ﻳﺒﻜﻲ ﺃﻭ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﻣﻦ ﺿﺮﺑﻬﺎ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻳﺘﻠﻔﻆ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﻻ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺃﻭﻳﻬﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﺳﻨﻴﻦ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻹﺑﻦ شابا ﻭﻫﻲ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﻀﺮﺑﻪ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ أﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﺃﻣﻪ ﻓﺒﻜﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺣﺘﻲ ﺍﺑﺘﻠﺖ ﻟﺤﻴﺘﻪ، وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺫﻫﺒﺖ ﺍﻷﻡ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻨﻪ ﺃﺳﺮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻚ ﺗﺒﻜﻲ هذه المرة ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ ﻛﻴﻒ ﻻ ﺃﺑﻜﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﻗﻮﺓ ﺃﻣﻲ ﻗﺪ ﺿﻌﻔﺖ، ﻛﻴﻒ ﻻ ﺃﺑﻜﻲ ﻭﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺃﻥ ﻳﻘﻔﻞ، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من برّ الوالدة، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها.

 

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت من هذا ؟ قالوا حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كذلكم البر كذلكم البر” وكان حارثة أبرّ الناس بأمه، وإن الأم التي عني بها الإسلام كل هذه العناية, وقرر لها كل هذه الحقوق, واجب عليها أن تحسن تربية أبنائها, فتغرس فيهم الفضائل, وتبغضهم في الرذائل, وتدفعهم دفعا إلى الجد والاجتهاد والعمل من أجل بناء الوطن وتعودهم على طاعة الله, وتشجعهم على نصرة الحق, ولا تثبطهم عن الجهاد, استجابة لعاطفة الأمومة في صدرها, بل تغلب نداء الحق على نداء العاطفة، ولقد ضربت لنا الأمهات الخالدات أروع الأمثلة في التربية والتعليم فلقد رأينا أما مؤمنة كالخنساء في معركة القادسية تحرض أبناءها الأربعة, وتوصيهم بالإقدام والثبات في كلمات بليغة رائعة, وما إن انتهت المعركة حتى نعوا إليها جميعا, فما ولولت ولا صاحت, بل قالت في رضا ويقين الحمد لله الذي شرفني بقتلهم في سبيله.

 

وهذه أم سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث لما مات أبوه انقطع عن طلب العلم فترك حلقة شيخه في رواية الحديث النبوي الشريف فقالت له أمه لم فعلت ذلك؟ قال أريد أن أعمل وأنفق على البيت، فقالت له أمه عد إلى طلب العلم والزم حلقة شيخك وأنا أكفيك بمغزلي، فكانت الأم تغزل الصوف وتبيعه في السوق وتنفق على ولدها سفيان حتى صار أمير المؤمنين في الحديث، ومن هنا يرى علماء التربية أن دور الأم في تربية الطفل يسبق دور الأب، وذلك لكثرة ملازمتها للطفل منذ تكوينه جنينا في بطنها حتى يكبر، وكما أن المرأة بايعت النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة فها هي نسيبة بنت كعب وأسماء بنت عمر رضي الله عنهما أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء، وهذه البيعة المذكورة في القرآن الكريم، وكما شاركت المرأة في العديد من الغزوات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مداواة للجرحى وسقاية العطشى وإعداد الطعام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى