مقال

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 5″

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع شهر شعبان وتحويل القبلة، وذلك أن المسلمين كانوا مأمورين باستقبال بيت المقدس، مدة مقامهم بمكة، ثم بعد الهجرة إلى المدينة، نحو سنة ونصف لما لله تعالى في ذلك من الحكم التي سيشير إلى بعضها، وكانت حكمته تقتضي أمرهم باستقبال الكعبة، فأخبرهم أنه لا بد أن يقول السفهاء من الناس ” ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها” وهي استقبال بيت المقدس، أي بمعني أي شيء صرفهم عنه؟ وفي ذلك الاعتراض على حكم الله وشرعه، وفضله وإحسانه، فسلاهم، وأخبر بوقوعه، وأنه إنما يقع ممن اتصف بالسفه، قليل العقل، والحلم، والديانة، فلا تبالوا بهم، إذ قد علم مصدر هذا الكلام، فالعاقل لا يبالي باعتراض السفيه، ولا يلقي له ذهنه، ودلت الآية الكريمة على أنه لا يعترض على أحكام الله، إلا سفيه جاهل معاند.

 

وأما الرشيد المؤمن العاقل، فيتلقى أحكام ربه بالقبول، والانقياد، والتسليم كما قال تعالى في سورة الأحزاب ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم” كما قال الله عز وجل في سورة النساء في شأن ذلك ” فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم” وانطلاقا من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته جاء التحذير من إمارة السفهاء فقد يصل المرء إلى درجة مرموقة ويصل إلى سدة الحكم ولكنه في خفة وطيش ورعونة السفهاء وأسوتهم في ذلك فرعون لعنه الله تعالى، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة “أعاذك الله من إمارة السفهاء” قال وما إمارة السفهاء؟ فقال صلى الله عليه وسلم “أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي.

 

ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردوا على حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك مني وأنا منهم، وسيردوا على حوضي” ومعني قول إمارة السفهاء، وهو فعلهم المستفاد منه من الظلم والكذب وما يؤدي إليه جهلهم وطيشهم، وقال المناوي إمارة السفهاء أي ولايتهم على الرقاب لما يحدث منهم من العنف والطيش والخفة، جمع سفية، وهو ناقص العقل، والسفه، وإن الناظر إلى ما يدور في كثير من الفضائيات عبر الشاشات وكذلك عبر مواقع الاتصال الاجتماعي ليرى سفهاء قد جعلوا دين الله تعالى لهم هدفا وسبوبة يكتسبون من خلفها المال، فرأينا من يطعن في الصحابة، ورأينا من يطعن في صحيح السنة، ورأينا من يشكك في القرآن الكريم.

 

ورأينا سفهاء الأحلام يعترضون على كلام وأحكام رب الأنام فهذا يقول إن الإسلام ظلم المرأة، وآخر يقول بوجوب المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وآخر يقول يجب تحرير المرأة من الإسلام، فإن كل هؤلاء سفهاء مأجورين، فعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “يخرج في آخر الزمان أقوام أحداث الأسنان، سُفهاء الأحلام، يقولون مِن خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة” وها هو ذلك الزمان الذي أصبح فيه السفيه الكذاب مصداقا في قوله وأصبح العالم النحرير مكذبا في قوله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنها ستأتي على الناس سنون خداعة، يصدق فيها الكاذب”

 

“ويكَذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة” قيل وما الرويبضة؟ قال صلى الله عليه وسلم السفيه يتكلم في أمر العامة” وصدق ابن القيم رحمه الله عندما قال عن أشباه هذا الرويبضة، ومنهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به فهو يحدث من فيه كلما تحدث ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن سكت فأثقل من نصف الرحى العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض، ولقد حذر السلف من السفهاء ومن مجالستهم فكانوا يوصي بعضهم بعضا و يوصي الآباء الأبناء ومن خطورة مجالسة السفهاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى