مقال

الدكروري يكتب عن تحويل القبلة في الشريعة الإسلامية ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن تحويل القبلة في الشريعة الإسلامية ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن حادث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام حادث له أثر في حياة الأمة الإسلامية، حيث يجب على المسلمين أن يعرفوا الغاية من التحول، وأن يحمدوا ربهم عز وجل على هذه النعمة التي حرمها غيرهم، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن اليهود لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله له وضلوا عنه، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين” رواه الإمام أحمد، ففي الوقت الذي لا يهتم فيه المسلمون بدراسة تاريخهم ومعرفة دينهم وينشغلون بمصالحهم الشخصية ومتعهم الذاتية وخلافاتهم الجانبية نجد أن خصوم الإسلام يتخوفون من هذه الأمة ومن اجتماعها ويعملون ليل نهار بجد ومثابرة على أن تبقى على حالتها الراهنة لأن مصلحة الخصوم.

في تفرق الأمة واختلافها في دينها فالأمة المتفرقة المختلفة لن تستطيع أن تدعو إلى الله فضلا عن أن تدافع عن دينها ودمائها وأعراضها وأوطانها وكون هذه البلاد، كونها يقصد إليها حجاج بيت الله الحرام لأداء ركن الإسلام وكونها تحضن قبلة المسلمين في صلاتهم في مشارق الأرض ومغاربها حري بها وواجب عليها أن تكون قبلة لهم في كل شيء وقدوة لهم في العقيدة والسلوك وتطبيق الشريعة في كل مناحي الحياة ونقية من المنكرات والممارسات السيئة فإن الناس كانوا وما زالوا ينظرون إلى هذه البلاد وأهلها نظرة خاصة ويستغربون أي أمر يخالف شرع الله ويطمحون أن يكون أهلها أغير الناس على دين الله وعلى الدعوة إلى الله ونشر الإسلام في ربوع الأرض، وما ذلك على الله بعزيز، وإن المتأمل لآيات تحويل القبلة، وهي ترد شبهات اليهود.

يتبين له مدى ضراوة الحرب الإعلامية والفكرية التي شنها اليهود، وما زالوا إلى اليوم يسيطرون على القنوات والأبواق الإعلامية المسموعة والمرئية، وكل همهم هو تشويه صورة المسلمين وتشتيت شملهم، وحالهم كما قال الله تعالى في سورة المائدة ” ويسعون في الأرض فساد” ويتضح لنا أن اليهود أهل جحود وإنكار وهم قوم بهت كما وصفهم حبرهم السابق عبدالله بن سلام رضي الله عنه حينما أسلم، فقال يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهت، فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟” قالوا خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟” قالوا أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله.

فقال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، قالوا شرنا وابن شرنا، وتنقصوه، قال هذا كنتُ أخاف يا رسول الله” رواه البخاري، وقال أبو جعفر يعني جل ثناؤه بقوله ” الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه” أحبار اليهود وعلماء النصارى، يقول يعرف هؤلاء الأحبار من اليهود، والعلماء من النصارى أن البيت الحرام قبلتهم وقبلة إبراهيم وقبلة الأنبياء قبلك، كما يعرفون أبناءهم، وذلك كما جاء في تفسير الطبري، ولولا موقف اليهود الجاحد المنكر لدعوة الإسلام، ما حدثت الفتنة التي حدثت بهذا الحجم، ذلك أن العرب كانوا لا يعرفون عن الأمر شيئا إلا ما أخبرهم به اليهود، مع أنهم كان لديهم علم بنبوته صلى الله عليه وسلم وهو الذي عرفوه بمجرد قدومه عليهم، يروى أن عمر رضي الله عنه قال لعبدالله بن سلام أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم.

كما تعرف ولدك ابنك، قال نعم وأكثر، نزل الأمين من السماء على الأمين، في الأرض بنعته فعرفته، وإني لا أدري ما كان من أمره، ويقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير، في قول الحق سبحانه وتعالي في سورة البقرة ” الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون” بأنها جملة معترضة بين جملة “ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب” وبين جملة “ولكل وجهة” اعتراض استطراد بمناسبة ذكر مطاعن أهل الكتاب في القبلة الإسلامية، فإن طعنهم كان عن مكابرة مع علمهم بأن القبلة الإسلامية حق، ثم قال المسلمون يا رسول الله، كيف بمن مات من إخواننا استقبال الكعبة، فأنزل الله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم، يعني صلاتكم إلى بيت المقدس إن الله بالناس لرؤوف رحيم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى