مقال

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع فضائل شهر شعبان، والاجتهاد في العبادة في شعبان بمثابة التوطئة للدخول في رمضان والاستعداد لشهر الفريضة، فصوم شعبان مفضل، مرغوب فيه، مضاعف أجره، فقال ابن رجب رحمه الله، وإن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام، بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه، وأما عن الوقفة الثانية وهى أن شهر شعبان هو شهر السقى، وهذه مقولة هامة، وهي لأحد سلفنا الصالح وهو أبو بكر البلخي رحمه الله حيث قال رجب شهر الزرع.

 

وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع، فكيف لمن لم يزرع، ولم يسقي زرعه، أن يحصد، وأن ينتج، وهل هو كمن زرع وسقى وانشغل واهتم، فلا يستوي هذا وذاك، ولا يستوى من جاهد نفسه وعلت همته وقويت إرادته، ومن بلغت به الدنيا مبلغ التيه والضياع، فقال الله عز وجل فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة العنكبوت ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” فمن بذل وسعه في الحصول على الخير واغتنام الوقت يسر الله له الأجر ،ومن أراد طاعة الله وفقه الله لذلك، ومعنى قوله تعالى ” والذين جاهدوا فينا” أى اجتهد في الوصول إلى الحق، يسر الله له الحق، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الليل ” فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنبسره لليسرى” فالعجل العجل قبل فوات الأجل، فأين هي النية الصالحة؟

 

وأين هو وردك في القرآن؟ وأين هي العزيمة والإصرار على المنافسة؟ فقد جعل الله الحياة ميدان سباق، فمن حاز قصب السبق حاز رضوان الله، ومن حاز رضوان الله فقد فاز بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، نعم فإنه سباق شريف نزيه، غايته نبيلة، ومراده طيب، وهو رضوان الله تبارك وتعالى، وأما عن الوقفة الثالثة فهى حاجتنا إلى التطهير، وأعني بالتطهير وهى التوبة النصوح، فهي هدية من الله عز وجل إلينا أن نتوب فيمح الله عنا ما مضى، يغفر الزلات ويقيل العثرات، ويضاعف الأجور والحسنات، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قَال ” إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى المجلس الواحد مائة مرة، رب اغفر لى وتب على إنك أنت التواب الرحيم ” رواه أبو داود والترمذى، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وهذا حاله مع التوبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو من هو، هو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يتوب في المجلس الواحد مائة مرة، وما هذا إلا ليلفت أنظارنا إلى منزلة التوبة وأهميتها وحاجتنا إليها، لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” رواه الترمذي ، فمهما حدث من أخطاء، فربنا كبير، يحب عبده التائب، ويفرح به ويغفر له، فنحن بحاجة إلى أن ندخل رمضان ونحن على طهارة تامة من كل الذنوب، ولن يكون هذا إلا بالتوبة النصوح، وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن ليلة النصف من شعبان ؟ وهل لها صلاة خاصة ؟ فأجاب أن ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح، وكل الأحاديث الواردة فيها ضعيفة أو موضوعة لا أصل لها، وهي ليلة ليس لها خصوصية، لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة.

 

وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف، فلا يجوز أن تخص بشيء” وأما عن الصيام في آخر شهر شعبان، فقد ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل “هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ؟ قال لا، قال صلى الله عليه وسلم فإذا أفطرت فصم يومين” وفي رواية البخارى، قال أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم “هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ رواه البخارى ومسلم، وقد اختلف في تفسير السرار، والمشهور أنه آخر الشهر، ويقال سرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح ، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه، أي لاختفائه، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان يصوم صوما فليصمه” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى