مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن سيد الناس ” جزء 5″

الدكروري يكتب عن الإمام إبن سيد الناس ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام إبن سيد الناس، وقال عنه تلميذه الآخر صلاح الدين الصفدي ” كان حافظا بارعا، أديبا متفننا، بليغا ناظما ناثرا، كاتبا مترسلا، خطه أبهج من حدائق الأزهار” وحدث عنه معاصره الإسنوي فقال ” حافظ الديار المصرية، شيخ البلاغة والبراعة، صاحب النظم الرائق والنثر الفائق ” وقال عنه الحافظ ابن حجر ” قل أن ترى العيون مثله في فهمه وعلمه وسيلان ذهنه وسعة معارفه وحسن خطه وكثرة أصوله ” وحدث عنه ابن الوردي في تاريخه فقال “الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس كان أحد الأذكياء الحفاظ له النظم والنثر والبلاغة والتصانيف المتقنة” وقال عنه ابن كثير ” اشتغل بالعلم فبرع وساد أقرانه في علوم شتى من الحديث والفقه والنحو وعلوم السير والتاريخ وغير ذلك، وقد جمع سيرة حسنة في مجلدين، وقد حرر وحبر وأفاد.

 

ولم يسلم عن بعض الانتقاد، وله الشعر والنثر الفائق، وحسن التصنيف والترصيف والتعبير وجودة البديهة وحسن الطوية والعقيدة السلفية والاقتداء بالأحاديث النبوية، وتذكر عنه شؤون أخر، الله يتولاه فيها، ولم يكن بمصر في مجموعه مثله في حفظ الأسانيد والمتون والعلل والفقه والملح والأشعار والحكايات وقال البرزالي كان أحد الأعيان معرفة وإتقانا وحفظا للحديث وتفهما في علله وأسانيده عالما بصحيحه وسقيمه مستحضرا للسيرة، له حظ من العربية، حسن التصنيف، صحيح العقيدة، سريع القراءة، جميل الهيئة، كثير التواضع، طيب المجالسة، خفيف الروح، ظريفا كيسا، له الشعر الرائق والنثر الفائق، وكان محبا لطلبة الحديث ولم يخلف في مجموعه مثله، وقال عنه القطب إمام محدث حافظ أديب شاعر بارع جمع وألف وخرج وأتقن.

 

وصارت له يد طولى في الحديث والأدب مع الإتقان ثبت فيما ينقل ويضبط من أحسن الناس محاضرة، والتقى الإمام الذهبي، بابن سيد الناس وقال عنه في المعجم المختص العلامة الأديب البارع المتفنن هو أحد أئمة هذا الشأن، كتب بخطه المليح كثيرا، وخرّج وصنف وعلل، وفرّع وأصل، وقال الشعر البديع، وكان حلو النادرة، كيس المحاضرة، جالسته وسمعت بقراءته وأجاز لي مروياته، عليه مآخذ في دينه وهديه، والله يصلحه وإياي، وكان أثريا في المعتقد، يحب الله ورسوله، وأخذ ابن سيد الناس علم الحديث عن الإمام ابن دقيق العيد القشيري القوصي، والذي عدّه الإمام الذهيي أحد أربعة من أحفظ من رأى، وقال عنه أفقههم في الحديث، ولازمه ابن سيد الناس فترة طويلة، وصار معيدا في درسه، وكان ابن دقيق العيد إذا ذكر أحدا من الصحابة والرجال في درسه.

 

قال ايش ترجمة هذا يا أبا الفتح؟ فيأخذ ابن سيد الناس في الكلام ويسرد والناس سكوت والشيخ مصغ إلى ما يقول، وأما فتح الدين بن سيد الناس فيقول عن شيخه لم أري مثله فيمن رأيت، ولا حملت عن أجلّ منه فيمن رويت، قرأت عليه جملة من المحصول وكنت مستملي تصانيفه والمتصدر لإفادة طلبته بدار الحديث من جهته، وكان للعلوم جامعا، وفي فنونها بارعا، لا يشق له غبار، ولا يجري معه سواه في مضمار، كان حَسَن الاستنباط للأحكام والمعاني من السنة والكتاب، بلب يسحر الألباب، وفكر يفتح له ما يستغلق على غيره من الأبواب، مستعينا على ذلك بما رواه من العلوم، ولم يزل حافظا للسانه، مقبلا على شأنه، ونفع نفسه على العلم وقصرها، ولو شاء العاد أن يحصر كلماته لحصرها، وله تخلق، وبكرامات الصالحين تحقق، وعلامات العارفين تعلق.

 

ولعل الانسجام بين ابن سيد الناس وشيخه ابن دقيق العيد كان لتشابههما في المزاج، فقد كان ابن دقيق العيد على جلالة قدره في العلم والفقه، خفيف الروح لطيف المعشر، شاعرا حاضر البديهة، نقادة للشعر وأساليب البلاغة، ومن طرف آخر كان لا يحرم نفسه من متع الدنيا الحلال، على نسك وورع، وأخذ ابن سيد الناس كذلك الحديث عن الحافظ البارع شرف الدين الدمياطي، عبد المؤمن بن خلف الشافعي، وكان مليح الهيئة، حسن الأخلاق، بساما فصيحا نحويا لغويا، مقرئا، سريع القراءة، جيد العبارة، كثير التفنن، صحيح الكتب، مكثرا مفيدا، حلو المذاكرة، وأصبح ابن سيد الناس من كبار المحدثين في عصره، ليس فقط لكثرة من روى عنهم وقد قاربوا الألف، بل لاجتهاداته وترجيحاته وتقعيداته وتعقباته في هذا العلم، وولي مشيخة دار الحديث الظاهرية بالقاهرة، ودرّس صحيح البخاري فيها، وأخذ عنه الألوف من طلاب العلم والحديث في عصره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى