مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن كثير “جزء 2”

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن كثير “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام إبن كثير، وقد كان من بين العلماء المسلمين الذين برعوا في العلوم الشرعية هو شيخ الإسلام ابن كثير، وقد قال عنه الذهبي رحمه الله هو الإمام الفقيه المحدث البارع عماد الدين، درس الفقه وأفتى، وتفهم العربية والأصول، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة” وكما قال الذهبي عنه في المختص هو الإمام المفتي، المحدث البارع، ثقة، متفنن، محدث متقن” وقال عنه السيوطي رحمه الله هو الإمام المحدث الحافظ، ذو الفضائل، عماد الدين” وقال عنه المؤرخ الشهير ابن تغري بردي رحمه الله هو الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء، وجمع وصنف، ودرس وحدث وألف، وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك” وقال ابن حبيب رحمه الله فيه هو إمام ذوي التسبيح والتهليل.

وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنف، وأطرب الأسماع بقوله وشنف، وحدث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير” وقال عنه الزركلي رحمه الله هو حافظ مؤرخ فقيه” وكان من آراء العلماء في مؤلفات ابن كثير رحمه الله أنه قال السيوطي عن تفسير ابن كثير “وله التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله” وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الدرر الكامنة “وسارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته” وقال الذهبي في المعجم المختص “وله تصانيف مفيدة” وقال ابن تغري بردي عن كتابه البداية والنهاية “وهو في غاية الجودة، وعليه يعول البدر العيني في تاريخه” وشيخ الإسلام بن كثير رحمه الله له عدة تصنيفات أشهرها هو تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية.

وطبقات الشافعية، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، والسيرة النبوية، وله رسالة في الجهاد، وشرع في كتاب كبير للأحكام ولم يكمله، وله شرح صحيح البخاري وهو مفقود، وسمع الحديث من ابن الشحنة، وابن الزراد، وإسحاق الآمدي، وابن عساكر، والمزي، وابن الرضى، شرع في شرح صحيح البخاري ولازم المزي، وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته، وصاحب ابن تيمية، ولي العديد من المدارس العلمية في ذلك العصر، منها دار الحديث الأشرفية، والمدرسة الصالحية، والمدرسة النجيبية، والمدرسة التنكزية، والمدرسة النورية الكبرى، وقد انتقل إلى دمشق سنة سبعمائة وستة من الهجرة، وهو في الخامسة من عمره، وتفقه على الشيخ إبراهيم الفزازي الشهير بابن الفركاح وسمع بدمشق من عيسى بن المطعم ومن أحمد بن أبي طالب وبالحجار.

ومن القاسم بن عساكر وابن الشيرازي واسحاق بن الآمدى ومحمد بن زراد ولازم الشيخ جمال يوسف بن الزكي المزي صاحب تهذيب الكمال وأطراف الكتب الستة وبه انتفع وتخرج وتزوج بابنته، وقرأ على شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا ولازمه وأحبه وانتفع بعلومه وعلى الشيخ الحافظ بن قايماز وأجاز له من مصر أبو موسى القرافي والحسيني وأبو الفتح الدبوسي وعلي بن عمر الواني ويوسف الختي وغير واحد، وقيل إنه تعلم العبرية، ويقول الشيخ العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى عن رحلته إلى دمشق بصحبة أخيه عبد الوهاب، فيقول “ثم تحولنا من بعده أي بعد وفاة الوالد، في سنة سبع وسبعمائة إلى دمشق، صحبه كمال الدين عبد الوهاب، وقد كان لنا شقيقا، وبنا رفيقا شفوقا، وقد تأخرت وفاته إلى سنة خمسين، فاشتغلت على يديه في العلم.

فيسر الله تعالى منه ما يسر، وسهل منه ما تعسر” واستقر ابن كثير في دمشق، وصار ابنا من أبنائها، وعالما من علمائها، وخطيبا ومدرسا فيها، وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودُفن فيها، وكان وفيا لها فكتب تاريخها، ووصف أفراحها وانتصاراتها، وبكى أحزانها وأتراحها، وشارك في أحداثها، وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يُشار إليه بالبنان محدثا ومفسرا، ومدرسا ورئيسا، ومصلحا وداعية، ومعلما ومؤرخا، ولقد حبا الله تعالي صورة ابن كثير رحمه الله بكثير من الصفات الحميدة، والشمائل الكريمة، والخلال العذبة، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ، وكان من هذه الصفات هو الحفظ، فقد وهب الله عز وجل الشيخ ابن كثير حافظة قوية، وذاكرة ممتازة، وموهبة متفوقة، فكان قادرا على حفظ العلوم والمتون، واكتناز المعلومات، وظهر أثر ذلك في مصنفاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى