مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 14″ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 14″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع عشر مع الإمام إبن حجر العسقلاني، فلقد أوتي هذا بسطة في العلم واللسن، وكيف لا؟ وهو الإمام ابن الإمام أبو الفضل بن أبي الحسن، لقد بهر ابن حجر بفضله العقول والأفكار، كما فاق حجره الياقوت بل غيره من الحجار، وقرأ قول الله تعالي كما جاء في سورة البقرة ” وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار” فإنه جمع فأوعى، وأوعب جمعا، وأبدع لفظا ومعنى، وجمع إحسانا وحُسنا، فلو شاهد حسنه الجمال المزي، لأطنب في الثناء وأسهب، أو الذهبي، لذهب في الإعجاب كل مذهب، أو ابن عبد الهادي، لاهتدى به واقتفى أثره، أو ابن كثير، لكاثر ببعضه واستكثره، فشكرا لهذا الإمام شكرا، فلقد جمل مصره، وجدد لها في الحفاظ ذكرا، وقال القاضي قطب الدين الخيضري “شيخنا الإمام، شيخ الإسلام، ملك العلماء الأعلام، إمام الحفاظ.

 

فارس المعاني والألفاظ، قدوة المحدثين، أستاذ المحققين، عمدة المخرجين، علم الناقدين، محط رحال الطالبين، ساقي الظماء من صافي الماء المعين، لأنه البحر الذي لو رآه ابن معين، لصار فيه يعوم، أو البخاري، لكان للشرب منه يروم، ولو أدركه الدارقطني لحام حول حماه واستقطنه، أو الطبراني، لم يحلل من رحلته إلا عنده وكان استوطنه، لأنه حامل راية أهل الحديث بكلها، وفارس ميادين علومه كلها، لو اجتمع به ابن عساكر، لكان بعسكره من بعض جنده، أو ابن مأكولا الأمير، لصار من أنصاره وذوي رفده، ولو سمع به ابن السمعاني، لاستمع إلى كلامه، ولو لحقه ابن عبد البر، لأقسم بارا أنه لا يتمهد في أحواله إلا بدر نظامه، فهو صاحب المصنفات التي سارت بها الركبان غربا ومشرقا، والمؤلفات التي أضحى بها شهاب سعادته في أفق السماء مشرقا.

 

إمام المحدثين، كنز المستفيدين، قاضي القضاة، أبو الفضل شهاب الدين” وقال تقي الدين القلقشندي، عن ابن حجر هو قاضي القضاة، شيخ الإسلام، حامل لواء سنة سيد الأنام، حافظ العصر، علامة الدهر، بليغ زمانه، واحد أوانه، حُجة الله على العباد، مُذل ذوي الباطل والعناد، بقية المجتهدين، محط رحال القاصدين، علم المسلمين، محيي سُنة سيد المرسلين، بغية الطالبين، ولي الله، شيخنا وشيخ شيوخنا، وقال ابن قاضي شهبة عن ابن حجر بقية العلماء الأعلام، قاضي القضاة، وصاحب المصنفات التي سارت بها الركبان، وقال وبالجملة فهو إمام زمانه، وحافظ وقته أوانه، وعنده من الذكاء والفطنة وصفاء القريحة ما تحيّر فيه الأمصار، وقال عبد الحي العكبري، انتهى إليه معرفة الرجال واستحضارهم ومعرفة العالي والنازل وعلل الأحاديث وغير ذلك.

 

وصار هو المعول عليه في هذا الشأن في سائر الأقطار، وقال البقاعي عنه هو شيخ الإسلام، وطراز الأنام، علم الأئمة الأعلام، حافظ العصر، وأستاذ الدهر، سلطان العلماء، ملك الفقهاء، وقال ابن العماد في شذرات الذهب “شيخ الإسلام علم الأعلام أمير المؤمنين في الحديث حافظ العصر” وقد حرص الحافظ ابن حجر على بيان منهجه في التصنيف في مقدمة كل كتاب له ومثال ذلك قوله في مقدمة التقريب أنني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، وأعدل ما وصف به، بألخص عبارة، وأخلص إشارة، بحيث لا تزيد كل ترجمة على سطر واحد غالبا، يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه، وكنيته ولقبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك بالحروف، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل، ثم التعريف بعصر كل راوي منهم.

 

بحيث يكون قائما مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمنه لبسه” وأيضا الاستخارة عند التصنيف ومن ذلك قوله في مقدمة الفتح، وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذا شارحة لفوائده موضحة لمقاصده كاشفة عن مغزاه في تقييد اوابده واقتناص شوارده، وأيضا سؤال الله عز وجل الإعانة على التصنيف، فقد جاء في مقدمة المطالب العالية والله أستعين في جميع الأمور كلها، لاإله إلا هو، وأيضا بيان الباعث على التأليف، ومن ذلك قوله في مقدمة تقريب التهذيب فإنني لما فرغت من تهذيب وهو تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الذي جمعت فيه مقصود التهذيب، لحافظ عصره أبي الحجاج المزي، من تمييز أحوال الرواة المذكورين فيه، وضممت إليه مقصود إكماله للعلامة علاء الدين مغلطاي، مقتصرا منه على ما اعتبرته عليه، وصححته من مظانه، من بيان أحوالهم أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى