مقال

الدكروري يكتب عن الشائعات المغرضة ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشائعات المغرضة ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع الشائعات المغرضة، ويختلف حكم الشائعة تبعا لاعتبارات كثيرة، فمن الشائعات ما هو كفر والعياذ بالله، كتلك التي قيلت على الله عز وجل، وعلى رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو غيبة ونميمة وفسق كالإشاعات التي تشاع على العلماء والصالحين والبرآء من عموم الخلق، ومن الشائعات شائعات كادت تحدث كوارث، شائعات مشهورة قد سجل القرآن بعضها، وسردت السنة المطهرة بعضها، ووصل إلينا بعضها بالأسانيد الصحيحة المتواترة، ومنها ما عايشناه وعاصرناه وبلوناه، وقد كان بطل كل إشاعة منها إنسان مظلوم ومتهم برئ قد طعن في أغلى ما يملك، فهم متهمون ولكن أبرياء، ولعظم الكلمة أوصي النبي الكريم محمد صلي الله عليه بالحفاظ عليها فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال رسول الله عليه وسلم يا معاذ.

“ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قال بلى يا رسول الله” قال رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، ثم قال صلى الله عليه وسلم ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال بلى يا رسول الله، فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم بلسانه، ثم قال كفّ عليك هذا، فقال معاذ أو إنا مؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ” رواه الترمذي، وإن الشعور بالكراهية للآخرين وخاصة من لهم نفوذ ومكانة في المجتمع سبب في زرع الشائعات، فيعمل مُروج الشائعة على نشرها من باب الكراهية والبغضاء لذلك الإنسان ذي النفوذ حتى يسيء إلى سمعته بين الناس، وذلك لما يرى عليه من نِعم الله من المكانة والمنزلة، وهذا يعد من باب الحسد على هذه النعمة.

فيأخذ في ترويجع الشائعات الكاذبات عنه حتى يسيء إلى سمعته، ويكون هذا أحيانا من باب الانتقام لنفسه بإلحاق الضرر بأخيه، فالإشاعات من أهم الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس والشائعة يطلقها الجبناء ويصدقها الأغبياء الذين لا يستخدمون عقولهم ويستفيد منها الأذكياء ولعل من أشهر هذه الشائعات، هي قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهرة، وتتعرّض لعرض أكرم الخلق على الله، وعرض الصديق والصديقة رضي الله عنهم أجمعين وتشغل هذه الشائعة المسلمين بالمدينة شهرا كاملا حتى انزل الله تعالي براءة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما ” فلا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل ظالم ” ولقد بشر الله تعالى عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات بكبير الجزاء.

وعظيم الثواب، ورفيع الدرجات في ست وثلاثين آية من كتابه الكريم، بشرهم بالجنة والخلود فيها، والأمن يوم الخوف، والفوز يوم يخسر الناس كلهم، وبشرهم بزيادة الفضل لهم، والوعد بالمغفرة، وعظيم الثواب والأجر، ورفع الحرج عنهم، وهنأهم بالفوز والمقام الطيب في مستقر رحمته، وبشرهم بادخار أعمالهم، وحفظها لهم، ووعدهم بأن يجعل لهم مودة في قلوب الخلق فقال تعالي في سورة مريم ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا” وكما اخبر الله تعالى عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأنهم خير الخليقة، وهم أهل الأمن والأمان يوم يفزع الناس، والذين آمنوا وعملوا الصالحات هم أمنة لأنفسهم ومجتمعاتهم وبلدانهم لأنهم بأعمالهم الصالحة يصرف الله تعالى عن البلاد والعباد السوء والمكروه من الحوادث والكوارث والعذاب والأمراض.

فببركتهم يبارك الله تعالى على البلاد والعباد، ويحفظ الله تعالى بهم من الفتن والمحن، فإنهم أعقل العباد وأفطن من خلق الله تعالى لأنهم أدركوا بفضل الله ومنته، وفطنوا لماذا خلقهم الله فقاموا بما أوجب عليهم وهي العبادة له سبحانه، فلم تشغلهم تجارة ولا دنيا ولا متاع عن عبادة ربهم عز وجل، ولو لم يكن في العمل الصالح إلا السلامة والنجاة في الآخرة، لكفى به شرفا، فكيف وقد أحاط العمل الصالح بكل فضيلة وكرامة؟ والعمل الصالح نجاة وسلامة وعافية، فقد فرج الله تعالى عن الثلاثة الذين دخلوا الغار، فتدحرجت صخرة فسدت باب الغار عليهم، فدعوا الله تعالى بأعمالهم الصالحة التي عملوها، ففرج الله عنهم، والقصة مشهورة في الحديث الصحيح، وأنجى الله عز وجل ذا النون من الظلمات ببركة ذكره لربه عز وجل، لأنه كان ذاكرا لربه من قبل هذا وليس في بطن الحوت فقط، وحفظ الله عز وجل كنز الرجل الصالح لولديه حتى يبلغا لصلاح والدهما، وهكذا فإن الأعمال الصالحة كثيره وأعمال الخير لا تحصي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى