مقال

الدكروري يكتب عن نعمة الولد والحفاظ عليها ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن نعمة الولد والحفاظ عليها ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع نعمة الولد والحفاظ عليها، وكانت لديهم المدارس والمعاهد إلا أن هدف التربية العربية الأسمى كان بث روح الفضيلة وغرس الصفات الخلقية كالشجاعة والإخلاص والوفاء والنجدة عند الحاجة وكرم الضيافة، ولم تحتل التربية مكانا نافذا في أي عهد من العهود كما تحتله اليوم وإن الاهتمام بالتربية والعملية التربوية قد ازداد في العصر الحاضر ونتيجة لذلك تميزت التربية في العصر الحاضر عن غيرها بأنها متقدمة على التعليم وقد أصبح الطفل أو الإنسان الفرد هو محور التربية وأهتمت التربية بالفرد كإنسان لكي يحقق نموه الإنساني ولكنها لم تهمل الجانب الاجتماعي والتكيف مع الجماعة التي يعيش بينها، كما تعاونت التربية مع علم النفس لتقديم ما يناسب كل فرد على حده وتعاونت مع علم الاجتماع لكي تطبع الإنسان بطباع المجتمع الذي يعيش فيه.

وقد أصبحت التربية الحديثة ميدانية حياتية تعتمد على المواقف والممارسات اليومية وطرحت التطبيق العلمي لمواجهة الحياة المتغيرة كما تم الاهتمام بعالمية التربية وذلك بالتوسع في الهدف التربوي من التكيف مع المجتمع المحلي إلى التكيف مع المجتمعات عامة أو التكيف مع الثقافة الإنسانية وأصبح الهدف التربوي هو إعداد الإنسان الصالح لكل مكان وليس المواطن الصالح لوطنه فقط كما أنه تم استعمال الأساليب الجديدة وذلك باستعمال الأدوات والأجهزة والمخترعات الحديثة في العملية التربوية وتسخير تلك الأدوات للتقدم والتطور الإنساني، وإن الغيور ليتساءل ؟ كيف لأب أنيطت به أمانة عظيمة ينام قرير العين ويكتحل بالنوم ملء جفنيه، وأبناؤه خارج منزله، بل ربما بناته وزوجاته ؟ فقولوا لي بربكم أي أب هذا؟ وأي تربية تلك ؟

ألا ترون أن ذلك الأب يحتاج إلى أدب وتربية، بلى، فلا بد من رعاية الشباب والناشئة حتى يكونوا نواة صالحة لدينهم ومجتمعهم، ولبنة بناء لعقيدتهم وأمتهم، فاتقوا الله أيها الناس واحفظوا وصية الله لكم في الأولاد وتذكروا موقفكم يوم المعاد فأنتم مسؤولون عن انحراف الشباب ومحاسبون عن تربيتهم أمام رب الأرباب، ولقد كان الطفل المسلم ينشأ في المجتمع الأول وسط مجموعة تدين لله بالاستقامة، فيرى قدوات أكثر من الكلام، الآن الطفل لو حصل على شيء منا سيحصل على توجيهات وكلام، لكن القدوة قليلة، ولذلك لا ينشأ أولادنا في استقامة كبيرة، ولا ينشئون في نفسيات إسلامية ونشأة صحيحة بسبب أن الوسط الذي هم فيه البيئة في البيت في المدرسة في الشارع لا تساعد على الاستقامة، الآن البيئة تساعد على الانحراف ولذلك لابد أن ندرك الفرق بين البيئة التي يعيش فيها الولد الآن.

والبيئة التي كان يعيش فيها الولد أيام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وابن عباس غلام صغير، قال ” بتُ عند خالتي ميمونة، انتبه الولد في الليل أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قام وتوضأ وقام يصلي الليل، فقال ابن عباس، الولد عنده قدرة على المحاكاة والاتباع، قام وتوضأ مثلما توضأ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وقام عن يساره، فأداره فجعله عن يمينه، وإذا نعس أخذ بأذنه، فصلى بجنب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ونشأ الولد من صغره على قضية قيام الليل لأنه رأى نموذج واقعي بدون تمثيليات وبدون إملاءات وكلام، وإنما رأى عملا أمامه، فقلده وحاكاه، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم انتهز فرصة أن ابن عباس وراءه ذات يوم، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.

” يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، أو وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ” رواه أحمد، واعلموا أيها الشباب أن التفحيط والتنطيط ، وإيذاء الناس والمارة ، والتجمعات الشبابية، والتحزبات الهمجية والحركات اللا منهجية، لو كانت كل تلك المهازل والمفاسد رفعة في الدرجات وزيادة في الحسنات، والله لما سبقتم إليها العلماء والعقلاء والفضلاء والنبلاء، ولكنها انحطاط في الأخلاق، ونقيصة في الأدب، وعيب في التربية ومثلبة في الرجولة، فمن هو العاقل الذي يرضى لنفسه بالسفول وضياع الأخلاق وأن ينظر الناس إليه بعين الازدراء والاستهزاء، بل ربما أدت تلك الأخلاق السيئة، والانحرافات المشينة، إلى قطع الصلات مع الله، ومع عباد الله فيا أيها الشباب عليكم بطاعة ربكم ووالديكم.

والاهتمام بعلمائكم وقادتكم والعناية بمقدرات وطنكم وتوفير السلامة للمسلمين فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وإن قضية تعليم الأولاد العبادات أمانة في أعناقنا، الآن يكبر ويجب عليه أن يصلي وهو لم يتعلم الصلاة بعد، فيجب على الأب أن يأمره بإقامتها، وإذا عرف الولد يمينه من شماله، نبدأ معه بتعليم الدين، ونأمره بالصلاة إذا بلغ سبعا، ونحن ممكن نعلمه قبل لكن نأمره إذا بلغ السبع، وإذا بلغ العشر ضربناه عليها إذا تركها، وإذا أتم ولدك عشرا وهو مهمل للصلاة ويرفض الصلاة يؤدب، فينبغي للآباء توجيه أبنائهم لطلب العلم الصحيح لأن الشاب إذا ابتعد عن العلم الصحيح والعلماء الراسخين ولم يتبين له رؤية واعية تتزاحم في ذهنه خطرات نفسية وسوانحُ فكرية يختلط عنده فيها الخطأ بالصواب والحق بالباطل فتنتج أمور وتصرفات لا تحمد عقباها، ويكون فريسة سهلة للأعداء ومن في قلوبهم مرض من أهل الشبهات والشهوات ودعاة الفتن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى