مقال

الدكروى يكتب عن ثمرات الصدق من الله ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروى يكتب عن ثمرات الصدق من الله ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

لقد أمرنا الله عز وجل بالصدق في كل الأمور سواء كان بالصدق مع النفس أو بالصدق مع الناس أو بالصدق مع الله عز وجل، ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم الكثير من المواقف والأحداث على تحمل المسؤولية منها هو قصة مؤمن آل فرعون حيث قال الله تعالى في سورة يس ” وجاء من أقصي المدينة رجل يسعي قال يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون” فإنه رجل من أقصى المدينة يسعى لماذا يأتي؟ لإنقاذ الموقف، لإعلان كلمة الحق، فعجبا لأمر هذا الرجل، فرغم أن الله أرسل إلى قومه ثلاثة أنبياء، ولكن هذا لم يمنعه من الجهر بإيمانه أمام القوم جميعا مع علمه أن هذا فيه هلاكه، ولكنه الصدق مع الله عز وجل، وليس له غرض، ولم يكن سعيه خوفا مصلحة ولا خوفا على نفسه، بل يضحى بنفسه بسبب جهره بكلمة الحق.

ووقوفه مع النبيين المرسلين حتي وإن كلفه ذلك حياته، لكنه في النهاية في جنة عرضها السماوات والأرض، فقال الله تعالي ” قيل ادخل الجنه قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين” فهو رجل واحد جاء يسعى بكل قوته، لأنه يشعر أنه مسؤول، وكأنه يرى أن هذا الأمر لابد أن يبلغه في وقته المناسب، فلسان حال الصادق يقول فليتك تحلو والحياة مريرة، وليتك ترضى والأنام غضاب، وليت الذي بيني وبينك عامر، وبيني وبين العالمين خراب، إذا صح منك الود فالكل هين، وكل الذي فوق التراب تراب، وقال ابن القيم رحمه الله، من منازل ” إياك نعبد وإياك نستعين ” هى منزلة الصادقين، المنزلة التي فرقت بين المؤمنين وبين المنافقين، المنزلة التي فرقت بين أهل النيران وبين أهل الجنان الصدق الذي صرع الباطل وطرحه.

من صال به لم ترد صولته، ومن جال به لم ترد جولته، وهو باب الدخول على الرحمن، وإن الصدق هو أصل البر، والكذب أصل الفجور، كما في الصحيحين عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال ” عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فان الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ” رواه البخاري ومسلم، وإن من ثمرات الصدق هو انتفاء صفة النفاق عن الصادقين ففي الصحيحين عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثلاث من كن فيه كان منافقا، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ” رواه البخاري ومسلم، وكذلك تفريج الكربات، وإجابة الدعوات.

والنجاة من المهلكات، وكذلك التوفيق لكل خير، وكذلك حسن العاقبة لأهله في الدنيا والآخرة، وأن الصادق يرزق صدق الفراسة، فمن صدقت لهجته، ظهرت حجته، وهذا من سنة الجزاء من جنس العمل فإن الله يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، فيلهم الصادق حجته، ويسدد منطقه، حتى إنه لا يكاد ينطق بشيء يظنه إلا جاء على ما ظنه، كما قال عامر العدواني” إني وجدت صدق الحديث طرفا من الغيب، فاصدقوا” وكذلك ثقة الناس بالصادقين، وثناؤهم الحسن عليهم، كما ذكر الله عز وجل ذلك عن أنبيائه الكرام، والمراد باللسان الصدق هو الثناء الحسن، كما فسره ابن عباس رضى الله عنهما، ومن ثمرات الصدق أيضا هو البركة في الكسب، والزيادة في الخير، واستجلاب مصالح الدنيا والآخرة، وكذلك راحة الضمير وطمأنينة النفس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الصدق طمأنينة، والكذب ريبة ” رواه الترمذي.

وكذلك التوفيق للخاتمة الحسنة، وإن الصدق معناه مطابقة الخبر للواقع، هذا في الأصل، ويكون في الأخبار، فإذا أخبرت بشيء وكان خبرك مطابقا للواقع قيل أنه صدق، فالخبر إن طابق الواقع فهو صدق، وإن خالف الواقع فهو كذب، وكما يكون الصدق في الأقوال، يكون الصدق أيضا في الأفعال، فالصدق في الأفعال هو أن يكون الإنسان باطنه موافقا لظاهره، بحيث إذا عمل عملا يكون موافقا لما في قلبه، فالمرائي مثلا ليس بصادق لأنه يظهر للناس أنه من العابدين وليس كذلك، والمشرك مع الله ليس بصادق لأنه يظهر أنه موحد وليس كذلك، والمنافق ليس بصادق، لأنه يظهر الإيمان وليس بمؤمن، والمبتدع ليس بصادق لأنه يظهر الإتباع للرسول الكريم صلى الله عليه وعلى وسلم وليس بمتبع، فالمهم أن الصدق مطابقة الخبر للواقع وهو من سمات المؤمنين، ومن صفاتهم، وعكسه الكذب وهو من سمات المنافقين ومن خصالهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى