مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو عاصم ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو عاصم ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام أبو عاصم، وكان بعدما دخل في القضاء إذا سئل عن مسألة الصوفية، يقول القضاء والدنية والكلام في علم الصوفية محال، وكثرت الشهود في أيامه واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه، وكان صديقه طول أيامه فاتفق أنه صار إلى ابن متويه قوم من المرابطين فشكوا إليه خراب الرباطات وتأخر الإجراء عنهم فاحتد علي بن متويه، فذكر ابن أبي عاصم حتى قال إنه لا يحسن يقوم سورة الحمد، فبلغ الخبر ابن أبي عاصم فتغافل عنه إلى أن حضر الشهود عنده، فاستدرجهم وقرأ عليهم سورة الحمد، فقومها ثم ذكر ما فيها من التفسير والمعاني ثم أقبل عليهم فقال هل ارتضيتم ؟ قالوا بلى، قال فمن زعم أني لا أحسن تقويم سورة الحمد، كيف هو عندكم ؟ قالوا كذاب، ولم يعرفوا قصده، فحجر ابن أبي عاصم على علي بن متويه لهذا السبب.

فماج الناس واجتمعوا على باب أبي ليلى يعني الحارث بن عبد العزيز وكان خليفة أخيه عمر بن عبد العزيز على البلد، وذلك في سنة مائتان وواحد وثمانين للهجرة، فأكرهه أبو ليلى على فسخه، ففسخه ثم ضعف بصره، فورد صرفه، وقال أبو بكر بن أبي علي سمعت بعض مشايخنا يحكون أنه حكم بحجره، ووضعه في جونته فأنفذ إليه السلطان يكرهونه على فسخه، فامتنع حتى منع من الخروج إلى المسجد أياما ، فصبر وكانت الرسل تختلف إليه في ذلك فيقول قد حكمت بحكم وهو في جونتي مختوم فمن أحب إخراج ذلك منها فليفعل من دون أمري، فلم يقدروا إلى أن طيب قلبه، فأخرجه وفسخه، قال أبو موسى المديني وجدت بخط بعض قدماء علماء أصبهان، فيما جمع من قضاتها، قال إبراهيم بن أحمد الخطابي وافى أصبهان من قبل المعتز وكان من أهل الأدب.

والنظر فلما قدمها صادف بها ابن أبي عاصم فجعله كاتبه وعليه كان يعول ثم وافى صالح بن أحمد بن حنبل من قبل المعتمد، وانقطع القضاة عن أصبهان مدة إلى أن ورد كتاب المعتمد على ابن أبي عاصم بتوليته القضاء وكان في رجب سنة تسع وستين ومائتين، فبقي عليها ثلاث عشرة سنة واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه زاهد البلد، وقال وولي بعده القضاء الوليد بن أبي داود، وعن الحكيمي قال ذكروا عند ليلى الديلمي أن أبا بكر بن أبي عاصم ناصبي فبعث غلاما له ومخلاة وسيفا وأمره أن يأتيه برأسه، فجاء الغلام وأبو بكر يقرأ الحديث والكتاب في يده ، فقال أمرني أن أحمل إليه رأسك فنام على قفاه ووضع الكتاب الذي كان في يده على وجهه وقال افعل ما شئت، فلحقه إنسان وقال لا تفعل فإن الأمير قد نهاك، فقام أبو بكر وأخذ الجزء.

ورجع إلى الحديث الذي قطعه فتعجب الناس، وقال أبو بكر بن مردويه سمعت أحمد بن إسحاق يقول مات أحمد بن عمرو سنة سبع وثمانين ومائتين ليلة الثلاثاء لخمس خلون من ربيع الآخر وذكر عن أبي الشيخ قال حضرت جنازة أبي بكر، وشهدها مائتا ألف من بين راكب وراجل ما عدا رجلا كان يتولى القضاء فحرم شهود جنازته وكان يرى رأي جهم، وكانت هناك روايات لأبي عاصم، فيروي عن سهل قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن لكل عمل سناما، وسنام القرآن البقرة، من قرأها في بيته ليلا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام” وعن يحيى بن أبي كثير، قال بلغني أن القرآن يرفع يوم القيامة غير سورة يوسف وسورة مريم يتكلم بها أهل الجنة، وعن بن أبي عاصم عن سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا عائشة من كان له فرطان من أمتي دخل الجنة، قالت يا نبي الله فمن كان له فرط ؟ قال ومن كان له فرط يا موفقة، قالت يا نبي الله فمن لم يكن له فرط من أمتك ؟ قال أنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي” رواه الترمذي وعن سعد بن هشام عن السيدة عائشة قالت ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له شهاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أنت هشام” وعن أبي عبد الله الكسائي قال رأيت ابن أبي عاصم فيما يرى النائم كأنه كان جالسا في مسجد الجامع وهو يصلي من قعود فسلمت عليه فرد علي وقلت له أنت أحمد بن أبي عاصم ؟ قال نعم قلت ما فعل الله بك ؟ قال يؤنسني ربي قلت يؤنسك ربك ؟ قال نعم فشهقت شهقة، وانتبهت، فكان إبن أبي عاصم فقيها ظاهري المذهب ولي القضاء بأصبهان ثلاث عشرة سنة بعد صالح بن أحمد، توفي فصلى عليه ابنه الحكم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى