مقال

الدكروري يكتب عن الشباب بُناة المستقبل ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشباب بُناة المستقبل ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

لقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم منهج فريد عجيب في القرب من الشباب، وتهذيب شهوتهم، وتوجيه قوتهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وذلك بتقريبهم من الطاعات، وإبعادهم عن المحرمات، ومهما كان مطلب الشاب فيه شذوذ وخروج عن المألوف، وضرب من الجنون، فإن فترة الشباب فترة خطيرة تؤرق الآباء والأمهات ولا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمغريات، واستهدف فيه الشباب والفتيات بأنواع من الشر، وسهل الوصول إليهم بوسائل الاتصال الحديثة التي اقتحمت عليهم غرفهم، لا سيما أن شباب اليوم قد صار فيهم تمرد وحب استقلال وعزلة وانفراد عن والديهم وأهلهم، ولا سبيل إلى الوصول إليهم إلا بالمعاملة الحسنة، والكلمة الطيبة، والحوار والإقناع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي صرح بكل جرأة وصفاقة.

 

أنه يريد الزنا فألان النبي صلى الله عليه وسلم القول له، وأحاطه بلطفه، وأقنعه ولم يزجره مع أنه يستأذنه في فعل كبيرة من كبائر الذنوب، وإن الشباب في الأمة هو محط الأنظار، ومعقد الآمال ومشاعل الحاضر، وبُناة المستقبل، ومن هنا أحاطتهم التوجيهات الإسلامية بالعناية التامة والرعاية الخاصة وإن وقت الشباب ثمين لا يعوض، وإنه زهرة لا مثيل لها، فيجب على كل موفق في هذه الحياة أن يغتنم شبابه في طاعة الله سبحانه وتعالى وأن يعمره بعبادة ربه والتقرب إليه عز وجل وأن يكون في جهاد لا يفتر في مصارعة الهوى والنفس والشيطان، وإن الإسلام لم ترتفع في الإنسانية رايته، ولم يمتد على الأرض سلطانه، ولم تنتشر في العالمين دعوته إلا على يد هذه الطائفة المؤمنة التي تربت في مدرسة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتخرجت في جامعته الشاملة.

 

فالشباب مرحلة القوة والنشاط والطاقة والطموح الوهاج والشباب متعلق آمال الأمة، وأبو المعجزات، هو مرحلة العطاء المثمر، وروض الإبداع المزهر، وبستان النضارة والفتوة، واللياقة والقوة والشباب هو الذي يتمناه الصغير، ويتحسر على فراقه الكبير، وإن أعظم نعمة أن يوفق الله عز وجل العبد في شبابِه ليغتنمه في طاعة مولاه، والمسارعة إلى رضا ربه، والبعد عن نواهِيه وكيف والمسلم مسؤول عن هذه النعمة، محاسب عليها؟ فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم ” وإن الشباب المسلم اليوم يجب عليه أن يكون كما كان في الماضي كيّسا فطنا، فلا يستجيب إلى ما لا يحقق للإسلام غاية ولا يرفع للحق راية.

 

فكم يحرص أعداء الإسلام بكل السبل أن يوقعوكم في مطايا المهالك ومسالك الغواية، والبُعد عن القيم الإسلامية السامية، ومبادئه السمحة اليسيرة التي تسلك بكم مناهج الوسطية والاعتدال، وتقودكم إلى رعاية المصالح وجلب المنافع لأنفسكم ولأمتكم، ولبلدانكم ولمجتمعاتكم، وإن من ينظر إلى حملة الإسلام الأوائل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن أكثرهم كانوا شبابا، قام عليهم الدين، وحملوه على أكتافهم حتى أعزهم الله ونصرهم ، فهذا الصديق رضي الله عنه لم يتجاوز السابعة والثلاثين وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يتجاوز السابعة والعشرين وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يتجاوز الرابعة والثلاثين وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن تجاوز العاشرة وكذلك بقية العشرة رضي الله عنهم، وطلحة بن عبيد الله لم يتجاوز الرابعة عشر.

 

والزبير بن العوام لم يتجاوز السادسة عشرة وسعد بن أبي وقاص لم يتجاوز السابعة عشرة وسعيد بن زيد لم يتجاوز الخامسة عشرة وأبو عبيدة بن الجراح لم يتجاوز سبعا وعشرين وعبد الرحمن بن عوف لم يتجاوز الثلاثين وكذلك عبدالله بن مسعود، ومصعب بن عمير، والأرقم بن أبي الأرقم، وخباب بن الأرت، ومعاذ بن جبل وعشرات غيرهم، بل مئات كانوا شبابا، ومما يدل على كون مرحلة الشباب هي أفضل مراحل العمر، هو أن الله سبحانه وتعالى عندما يجازي الناس يوم القيامة، يجعل أهل الجنة شبابا لا يهرمون أبدا وذلك من كمال السعادة كما أن راحة الحياة وبهجتها غالبا ما تكون في مرحلة الشباب، فهي مرحلة يتطلع إليها الصغير، ويتمناها الكبير والشباب يذكرنا بفتية أمنوا بربهم فزادهم هدى، وبفتي حطم أصنام الضلال بيده، وبنبي رأى برهان ربه فاعتصم عن الفحشاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى