مقال

الدكروري يكتب عن التنافس في أعمال الخير” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التنافس في أعمال الخير” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أصلح الأعمال وأعظمها نفعا في العاجل والآجل ذلك العمل الذى كثر التفريط فيه إلا من رحم الله من المسلمين، إنه زيارة الإخوان فى الله من غير غرض ولا عرض إلا لمحبتهم في الله، وابتغاء مرضاة الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم “إن رجلا زار أخا له في الله، فأرصد الله على من مدرجته أو قال على طريقه ملكا، فلما أتى عليه قال أين تريد؟ قال أريد أخا لي في هذه القرية، قال هل لك من نعمة تربها؟ قال لا، غير أني أحببته في الله، قال الملك فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه” رواه مسلم، فانظر وتفكر كيف كانت زيارة هذا الرجل لأخيه سببا في محبة الله لذلك الرجل وأى فضل وشرف أعظم من محبة الله للعبد؟ وماذا ستكون درجته في الآخرة؟ فنسأل الله من فضله ورحمته، فحرى بنا أن نعمل بما نعلم.

 

وأن نتعلم ما لم نعلم، والله عنده أجر عظيم، فإن العبد المؤمن إذا سمع الآيات والأحاديث التي يذكر فيها عظيم فضل الله وعظيم ما أعده للعاملين من عباده فإن نفسه تتوق إلى العمل الصالح، وقلبه يشتاق إلى ما أعده الله لمن أحسن عملا، وذلك النشاط، وتلك القوة التى تنبعث عند سماع الذكر، دليل على الإيمان، ومحبة الرحمن، فمن صفات المؤمنين أنهم يستمعون القول فيتبعون أحسنه، فبشّرهم الله بالخير، وذكرهم بأشرف الذكر، فما أسعد ذلك العبد الذى يستمع القول فإذا بك تجده أول العاملين به، المشمرين إليه، الداعين إليه، فأجل أيها المسلم المحب نظرك، وتلفت يمينا وشمالا لترى فئاما من عباد الله كيف يتقربون له، ويتحببون إليه، فمنهم من يقوم الليل، يحرم نفسه لذة النوم والراحة لأنه سمع قول الصادق المصدوق “وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام”

 

ومنهم من يصوم الهواجر صابرا على الجوع والعطش والتعب، لماذا؟ لأنه سمع قول من لا ينطق عن الهوى “من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا” وثالث لسانه رطب بالقرآن، ورابع لا يفتر من دعوة الناس إلى الخير وتعليمهم دين الله، وهكذا في صفوة من المتعبدين الطالبين فضل رب العالمين، فتأمل أنت حالك كيف حالك؟ وأين أنت من تلك الأعمال؟ وأين أنت في أولئك الرجال؟ أم أن نصيبك سماع أخبار الأخيار، وقيام حجة الله عليك؟ فكم تنشرح النفس وتقر العين حين تسمع كلمة الخير، فهي كلمة واسعة الدلالة، عظيمة الأثر، فإن الخير يجتمع الناس جميعا على حبه والدعوة إليه والثناء على فاعله، وإن عمل الخير سواء كان قولا أو فعلا هو مقصد شرعى، ومطلب إنساني، وهو من أسباب القرب من الله، وتحصيل الأجور والدرجات.

 

وانشراح الصدور وسعتها، ودفع الهموم والأحزان، وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بفعل الخير، وبين عز وجل أن كل عمل خير مهما كان صغيرا أو حقيرا فإنه يعلمه، ولقد بين الله تعالى في كتابه وأصل قاعدة أصيلة مفيدة في عمل الإنسان، وكل ما تعمله من خير ولو كان وزن ذرة تراه أحوج ما تكون إليه في الآخرة، وحينما يطرق عمل الخير يعتقد البعض ويسبق إلى ذهنه تلك الأعمال الكبيرة من الصدقات الكبيرة وبناء المساجد وكفالة الأيتام وعلاج المرضى من الفقراء فحسب، وهذا ضيق في الأفق، وتحجير لما وسعه الله، فالعمل الصالح واسع ميدانه شامل عنوانه، ينتظم أعمال القلوب والجوارحِ من الأقوال والأعمال والمقاصد في الظاهر والباطن، وإن من المداخل التي يتسلل منها الشيطان علينا أنه يصرفنا أو يزهدنا في صغائر العمل.

 

وأن مقامك وطموحك في معالي الأمور، فيتقاصر أحدنا عن المعالي، ويأنف مما يعده صغيرا من أعمال الخير والبر، وتمضي الأيام، وتطوى الأعوام، والإنتاج ضعيف، فيا ضيعة الأعمار تمضي سبهللا، ولكن دعونا نخوض هذا البستان وهو بستان الخيرات، نتفيأ في ظلاله، ونرتوي من نميره، ونشم من عبيره، ونقلب في خبايا كتب السنة الصحيحة عن هذه الثمار اليانعة، والأزهار الرائعة، فحينما ترطب شفتيك بتسبيحة وتحميدة وتهليلة وتكبيرة فأنت فى صدقات لا تكلفك جهدا، ولا تنقصك مالا، واستمعوا إلى هذه القصة النبوية، التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له” قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال ” في كل كبد رطبة أجر” رواه البخارى ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى