مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 8″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثامن مع الإمام أبو حامد الغزّالي، وقال المازري وهو الذي أنكر على الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين إيراده الأحاديث الضعيفة، وأنكر عليه قراءته للفلسفة، فرد عليه أيضا تاج الدين السبكي، وبيّن علة إنكاره على الغزالي، ألا وهي التعصب لأبي حسن الأشعري في علم الكلام، وتعصبه لمالك بن أنس في الفقه، فقد كان الغزالي ربما خالف أبا حسن الأشعري في مسائل فرعية في علم الكلام حتى أن المازري قال من خطأ شيخ السنة أبا الحسن الأشعري فهو المخطيء، كما رد عليه في مسألة أحاديث كتاب الإحياء، بأن الغزالي لم يكن ذا علم غزير في الأحاديث النبوية، وأن عامة ما في الإحياء من الأخبار والآثار مبدد في كتب من سبقه من الصوفية والفقهاء، وأيضا ابن الصلاح، وقد انتقده بسبب إدخاله المنطق في علم أصول الفقه، ورد أيضا عليه تاج الدين السبكي.

 

وكان أيضا ابن الجوزي، له كلام في مدح الغزالي، وله كلام في انتقاده، وذلك في عدة مواضع في كتابه تلبيس إبليس، وقد ألف أيضا كتابا في الرد على إحياء علوم الدين سمّاه إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء، وكان أيضا ابن تيمية، وقد انتقده بقوة أيضا، وذلك في مواضع متعددة في فتاويه، وفي كتابه الرسالة السبعينية، وكذلك أيضا علي بن محمد ابن الوليد، الداعي المطلق الخامس للإسماعيليين الطيبين المستعليين في اليمن، كتب دفع الباطل أو دامغ الباطل في ألف ومائتين صفح في الرد على الغزالي في انتقاده للباطنية والإسماعيلية في كتابه المعروف باسم المستظهري أو فضائح الباطنية، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والإحياء فيه فوائد كثيرة، لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة، تتعلق بالتوحيد، والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية.

 

كان بمنزلة من أخذ عدوا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين وقد أنكر أئمة الدين على أبو حامد هذا في كتبه، وقالوا مرضه الشفاء، يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة، وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، وأسمعتهم ما في الإحياء من التحريفات الجائرة، والتأويلات الضالة الخاسرة، والشقائق التي اشتملت على الداء الدفين، والفلسفة في أصل الدين، وقد حذر أهل العلم والبصيرة عن النظر فيها، أي في مباحث الإحياء ومطالعة خافيها وباديها، بل أفتى بتحريقها علماء المغرب ممن عُرف بالسنة، وسمّاها كثير منهم إماتة علوم الدين، وقام ابن عقيل أعظم قيام في الذم، والتشنيع، وزيّف ما فيه من التمويه والترقيع، وجزم بأن كثيرا من مباحثه زندقة خالصة.

 

لا يُقبل لصاحبها صرف، ولا عدل، وقيل عن بعض ما جاء فيه من ضلال وزندقة، أنه قال الغزالي قال أبو تراب النخشبي يوما لبعض مريديه لو رأيت أبا يزيد البسطامي، فقال إني عنه مشغول، فلما أكثر عليه أبو تراب من قوله لو رأيت أبا يزيد، هاج وجد المريد، فقال ويحك، ما أصنع بأبي يزيد؟ قد رأيت الله فأغناني عن أبي يزيد، قال أبو تراب فهاج طبعي ولم أملك نفسي، فقلت ويلك تغتر بالله، لو رأيت أبا يزيد مرة واحدة كان أنفع لك من أن ترى الله سبعين مرة قال فبهت الفتى من قوله وأنكره، فقال وكيف ذلك؟ قال له ويلك أما ترى الله عندك فيظهر لك على مقدارك، وترى أبا يزيد عند الله قد ظهر له على مقداره، وكما قال الغزالي قال سهل التستري إن لله عبادا في هذه البلدة لو دعوا على الظالمين لم يصبح على وجه الأرض ظالم إلا مات في ليلة واحدة.

 

حتى قال ولو سألوه أن لا يقيم الساعة لم يقمها، قلت وعلق على هذا الغزالي فقال وهذه أمور ممكنة في نفسها، فمن لم يحظ بشيء منها فلا ينبغي أن يخلو عن التصديق، والإيمان بإمكانها، فإن القدرة واسعة، والفضل عميم، وعجائب الملك والملكوت كثيرة، ومقدورات الله تعالى لا نهاية لها، وفضله على عباده الذين اصطفى لا غاية لها، وكما قال الغزالي قال سهل بن عبد الله التستري وسئل عن سر النفس؟ فقال النفس سر الله، ما ظهر ذلك السر على أحد من خلقه إلا على فرعون فقال أنا ربكم الأعلى، وكما قال الغزالي، قال الجنيد أحب للمريد المبتدئ أن لا يشغل قلبه بثلاث، وإلا تغير حاله التكسب وطلب الحديث والتزوج، وقال الجنيد أيضا أحب للصوفي أن لا يكتب ولا يقرأَ، لأنه أجمع لهمّه، وكما قال الغزالي وعن بعضهم أنه قال أقلقني الشوق إلى الخضر عليه السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى