مقال

صرخة مدوية أفيقوا القوى الناعمة هى الوسيلة الفعالة للتغير وإسقاط الأمم

جريدة الاضواء

صرخة مدوية أفيقوا القوى الناعمة هى الوسيلة الفعالة للتغير وإسقاط الأمم

 

اللواء.أ.ح.سامى محمد شلتوت.

 

• صرخة مدوية نطلقها أفيقوا شعب مصر العظيم فالتاريخ المصرى المتراكم كالطبقات الجيولوجية للأرض، وربما كانت تلك أحد ركائز هذا الوطن عدا غيره فمصر أتت ومن بعدها جاء التاريخ ليسطر تاريخ الأرض ونواتها هى مصر، منما منحه فرصاً متتالية أولاً لإكتساب خبرات هائلة فى التعامل مع جدلية التاريخ التى قد تشير أحيانا إلى أنه لا جديد تحت الشمس، فإن من أدرك الخبرات من السابق تعامل مع الآنى بمنطق متزن ربما يصونه من حدة التقلبات ويحفظ للأرض ومن عليها البقاء أمام إنحرافات الأطماع المتكررة للقوى الصاعدة والحاكمة والمتغيرة جغرافيا تبعاً لدورة التاريخ.

 

• ويدعى الغرب من جملة إدعاءاته أنه من أسس ونظر لنظريات القوى الناعمة وتطبيقاتها إجرائياً على الأرض، وتروج ماكينة الإعلام العابرة للقارات لأحاديث جوزيف ناى هذا العسكرى السابق بالجيش الأمريكى عن القوى الناعمة و عناصرها وتوظيفها ونظريات إستخداماتها حتى يذهب بعيداً إلى الإتحاد السوفيتى ليخبرنا« أننا لم ننتصر على الإتحاد السوفيتى بالقوة العسكرية، إنما بالإستخدام الأمثل لتطبيقات القوى الناعمة من داخل السوفيت أنفسهم التى إستلزم تفعيلها لتؤتى ثمارها على مدار سنوات طويلة, ويعود للتباهى بحرفية الأمريكيين فى إستخدام القوى الناعمة إلى أنه كان من الممكن الإنتصار على العراق فقط بتطويع آليات القوى الناعمة داخل العراق، وربما أخطر ما صرح به مؤسسو مناهج القوى الناعمة جاء على لسان جين لى « القوى الناعمة تسعى لتغير المفاهيم والمشاعر لدى الشعوب المستهدف هدم دولها وإعادة التأثير فيها بطرق غير تقليدية».

 

•ويرى مؤلف كتاب «صعود وإنهيار الإمبراطوريات العظمى » «بول كندى»… «أن القوى الناعمة أكثر تأثيراً في إنهيار الدول الكبيرة من إستخدام القوة العسكرية, وأن الحروب ليست قدراً محتوماً، وإنما كسب المعارك السلمية أصعب بكثير من المعارك الحربية».

وتشير «أنا سيمونز» إلى أن القوى الناعمة هى أحد أهم أسلحة حروب الجيل الرابع وبها تسقط المدن والدول من خلال التلاعب بالأفكار وهدمها وإحلال المخطط والممنهج محل الثابت من المعتقد الذى يتم التشكيك فيه وهدم النموذج والتأثير فى المشاعر أو الوجدان الجمعى للشعوب المستهدفة.

كل تلك المفاهيم ظهرت كأدبيات ونصوص نظريات للتأثير لإيجاد شكل جديد من أشكال الإحتلال وفرض ما يسمى الحرب بالوكالة بدلاً من خسارة الأرواح من أبناء القوى العظمى. فعلى الشعوب المتلاعب بها أن تقتل أولادها بأيديها، وتهدم أوطانها بأيدها ومن داخلها بالتشكيك والتناحر وقتل القدوة ومحو الثوابت والذاتية والحزبية والمذهبية والعشيرة والغاء كل ما يوحد ويجمع ويصون المقدرات.مثل «العراق … سوريا… ليبيا… السودان … لبنان… أفغانستان…. الصومال ….اليمن….. وكثير من دول العالم » ولكن كيف؟ تلك سر الخلطة السامة التى يصنعها الآخر وتلعقها الشعوب المعصوبة.

 

•أما مصر، فهى حالة منفردة لثوابت التاريخ والجغرافيا والقيم والأخلاق المجتمعية.. ليس لنزعة وطنية بل لواقع يجب الإرتكاذ عليه عندما نتجه لتوصيف الحال لديها من الخبرات بكم الإمتداد الزمنية المتراكمة فى عمق التاريخ ما يساعدها فى الإعتدال سريعاً وصلب عودها قبل فوات الأوان وربما الفارق يتضح بجلاء بعد عام 2011 بالنظرة السريعة غير المجهدة للعقل على خريطة الشرق الوسط التى إهترأت أجزاء كثيرة منها وربما تحتاج للكثير من الوعى. وبالمجهود و بالإمكانيات المتنوعة وذلك لإعادة لم الشمل والرجوع لنقطة البداية والمربع الأول. وبالطبع، يتكلف هذا الجهد معاناة الشعوب عشرات السنين، ومع التحفظ ببقاء الفجوة الحضارية الشاسعة مع الآخرين!

فى هذا السياق نتعرض لإرهاصات إستخدامات مصر لعناصر القوى الناعمة قبل درج المصطلح أكاديمياً، إنما بالممارسة الفعلية على الأرض التى غرست بذور شجرة الثقافة من آداب وفنون وإعلام وتعليم ومعتقدات مجتمعية ودينية ، والتى شملت أفرع القوى الناعمة لمصر بدءاً من اللهجة والصحف والإذاعات والشاشات الفضية وأفرع أخرى، منها الفن. فمع إستهلالات القرن التاسع عشر على يد سيد درويش لمواجهة السلطة الغاشمة وتحدى الإحتلال البريطانى، تطور سلاح الأغنية «الكلمة واللحن» حتى صار سلاحاً حقيقياً يخشاه العدو كما قيل إن الأغنية إنتصرت فى نكسة1967م، وأيضا كان السبق لمصر فى إستخدام الفن السابع بعد ظهوره مباشرة فى باريس ما جعل لها الريادة باللهجة المصرية على المنطقة إلى أن إحتلت السينما المصرية وجدان الشعب العربى. وهكذا، كانت للكنيسة المصرية أدوار وطنية فى العمق الإفريقى والإنتماء المتوسطى، وأوجد الأزهر قلوباً تهوى لمصر حتى أثرت إيجابا فى صناعة القرار السياسى و الإقتصادى وربما العسكرى لمصلحة مصر، وكان المثقف المصرى محركا وحيداً لأفكار العقل العربى،وإحتلت الحناجر السماوية المصريةالوجدان العربى والإسلامى، وباتت اللهجة المصرية الأكثر شيوعاً بين الشعوب العربية، ومن الطبيعى أن تخلق كل العناصر السابقة تأثيراً إقليمياً،عربياً وإفريقياً ومتوسطياً،وعقائدياٍ إسلامياً ومسيحياً لمصر، حيث زادها ثقلاً سياسياً مع موقعها الجغرافى العبقرى واقتصادها المتنامى وجيشها القوى وعدد سكانها المتزايد، أو ما يطلق عليه من محصلة ما سبق القوى الصلبة للدولة.

 

• ماحدث منذ سنوات معدودة هو تعمد التخطيط لسلب مصر تأثيرها فى الدوائر الإقليمية والدينية ونزع أثرها من وجدان الشعوب ومحوه من ذاكرة الأمم حتى يسهل التأثير فى مصر، وبالتالى تغير خريطة الشرق الأوسط وإحتلال العقول والوجدان العربى إستنزافا لما تبقى من موارده والفوز بالجائزة الكبرى، وتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن المعادية وتتحطم أحلام الإستعمار الجديد على الصخرة كما يطلقون عليها فى الأدبيات الأمنية والإستخباراتية لديهم.

 

إننا نحاول وننادى بإستمرار المحاولة فى القيام بما يقتضيه الحال من إعادة التعبئة والحشد والإصطفاف وخلق مناخ عام من أجل التوعية بما هو دائر حولنا وبيننا من مكائد معارك الجيلين الرابع والخامس الهادفة لتشويه هوية الشخصية المصرية، وهدم نسقها الأخلاقى، والإطاحة بدعائم الدولة الأولى فى الحضارة الإنسانية، وتقويض نجاحها، ثم هدمها لإقامة الدولة الكبرى على أنقاضها ونيل الجائزة الكبرى! من خلال إعادة طرح عناصر القوى الناعمة للمصريين لإستثارة الذهن وتمحيص الفكر، إستعدادا لمواجهة سلاح القوى الناعمة المعادى الذى أستخدمه الآخر عندما فشل فى الإنتصار بالسلاح فى آخر معارك الجيل الثالث كما فى نصر أكتوبر الذى حققه الآباء بالدم وهزمه الأبناء مؤقتاً بالتخلى عن الدور الإقليمى والرسالة الإنسانية، وبالتجاهل لمكمن القوة الحقيقية للمصريين. عاشت مصر بلادى حرة أبية عصية على كل غادر وسلمت بلادى من كل سوء بفضل أبنائها المخلصين الأوفياء الشرفاء من أبناء الوطن…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى