مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام أبو حامد الغزّالي، ثم نقده بكتابه تهافت الفلاسفة، مهاجما الفلسفة ومبيّنا تهافت منهجهم، ثم تصدى الغزالي للفكر الباطني، وهم الإسماعيلية الذي كان منتشرا في وقته والذي أصبح الباطنيون ذوو قوة سياسية، حتى أنهم قد اغتالوا الوزير نظام الملك عام ربعمائة وخمسة وثمانين من الهجرة، الموافق ألف وواحد وتسعين ميلادي، وتوفي بعده الخليفة المقتدي بأمر الله، فلما جاء الخليفة المستظهر بالله، طلب من الغزالي أن يحارب الباطنية في أفكارهم، فقام الغزالي بتأليف كتب في الرد عليهم وهي كتب فضائح الباطنية، وحجة الحق وقواصم الباطنية، وكانت مدرسة الغزالي تضم عشرات التلاميذ الأذكياء، وقد أثر الغزالي ثأثرا كبيرا في جمهور كبير من تلاميذه، وذكر الزبيدي منهم أبو النصر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الخمقدي.

المتوفي سنة خمسمائة وأربع وأربعون من الهجرة، وتفقه في طوس على الغزالي، وأبو منصور محمد بن إسماعيل بن الحسين العطاري، الواعظ في طوس والملقب بجندة، المتوفي سنة ربعمائة وست وثمانون من الهجرة، وتفقّه في طوس على الغزالي، وأبو الفتح أحمد بن علي بن محمد بن برهان، وكان حنبليا، ثم تفقه على الغزالي، وكام يدرّس في المدرسة النظامية علوم شتى، ودرّس إحياء علوم الدين للطلاب، المتوفي سنة خمسمائة وثماني عشر للهجرة، وأبو سعيد محمد بن أسعد التوقاني،المتوفي سنة خمسمائة وأربعة وخمسون للهجرة، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي، الملقّب بالمهدي، وأبو حامد محمد بن عبد الملك الجوزقاني الإسفراييني، تفقه على الغزالي في بغداد، ومحمد بن يحيى بن منصور، وهو من أشهر تلامذته، تفقه على الغزالي.

وشرح كتابه الوسيط، وأبو بكر بن العربي، القاضي المالكي، وهو من حمل كتابه إحياء علوم الدين إلى المغرب العربي عند عودته من رحلته المشرقية عام ربعمائة وخمس وتسعين من الهجرة، وأحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي الداني الأقليشي، ولم يكن له لقاء مباشر مع الغزالي، فإن أخذه وروايته لمؤلفات الإمام، كانت عن طريق شيخيه أبو بكر بن العربي وعباد بن سرحان المعافري، وعبد القادر الجيلاني، والجيلاني ألتقى بالغزالي وتأثر به حتى أنه ألف كتابه الغنية لطالبي طريق الحق، على نمط كتاب إحياء علوم الدين، وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي هو أحد أهم الكتب التي ورّثها الغزالي، وأحد أهم الكتب في موضوع التصوف وعلم الأخلاق، والذي قام بتأليفه خلال رحلة عزلته التي دامت إحدي عشر سنة، حيث ابتدأ التأليف به في القدس، وأنهاه في دمشق.

وكان أبو بكر ابن العربي من أول الجالبين لكتاب الإحياء إلى المغرب العربي، وذلك بعد خوض الغزالي في علوم الفلسفة والباطنية، وعكف على قراءة ودراسة علوم الصوفية، وصحب الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي الذي كان مقصدا للصوفية في عصره في نيسابور، وهو تلميذ أبو القاسم القشيري، فتأثر الغزالي بذلك، ولاحظ على نفسه بعده عن حقيقة الإخلاص لله وعن العلوم الحقيقية النافعة في طريق الآخرة، وشعر أن تدريسه في النظامية مليء بحب الشهرة والعُجب والمفاسد، عند ذلك عقد العزم على الخروج من بغداد، يقول عن نفسه ” ثم لاحظت أحوالي، فإذا أنا منغمس في العلائق، وقد أحدقت بي من الجوانب، ولاحظت أعمالي وأحسنها التدريس والتعليم فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة، ولا نافعة في طريق الآخرة، ثم تفكرت في نيتي في التدريس.

فإذا هي غير خالصة لوجه الله تعالي، بل باعثها ومحركها طلب الجاه وانتشار الصيت، فتيقنت أني على شفا جرف هار، وأني قد أشفيت على النار، إن لم أشتغل بتلافي الأحوال، فلم أزل أتردد بين تجاذب شهوات الدنيا، ودواعي الآخرة، قريبا من ستة أشهر أولها كان في شهر رجب سنة ربعمائة وثماني وثمانين من الهجرة، وفي هذا الشهر جاوز الأمر حد الاختيار إلى الاضطرار، إذ أقفل الله على لساني حتى اعتقل عن التدريس، فكنت أجاهد نفسي أن أدرس يوما واحدا تطييبا لقلوب المختلفة إلي، فكان لا ينطق لساني بكلمة واحدة ولا أستطيعها البتة، ثم لما أحسست بعجزي، وسقط بالكلية اختياري، التجأت إلى الله تعالي التجاء المضطر الذي لا حيلة له، فأجابني الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وسهل على قلبي الإعراض عن الجاه والمال والأهل والولد والأصحاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى