مقال

الدكروري يكتب عن الإمام البغوي ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام البغوي ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام البغوي، وكان البغوي شافعي المذهب بحكم البيئة التي نشأ فيها، والعلماء الذين أخذ عنهم إلا أنه لم يتعصب لإمامه، بل كان يتتبع الدليل، وينظر في أقوال العلماء وأدلتهم، وأخذ يدعو إلى الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهكذا ترك الإمام البغوي المؤلفات الكثيرة المفيدة في التفسير والحديث، والفقه حيث كان لها الأثر النافع والعظيم فيمن جاء بعده، وتتصف بموضوعاتها القيمة، وبكلماتها السهلة، وبطريقتها المفيدة، وكان من أهم كتبه هو معالم التنزيل، في التفسير، وهو كتاب متوسط، نقل فيه عن مفسري الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال عنه ابن تيمية والبغوي تفسيره مختصر من تفسير الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة، وأيضا كتاب شرح السنة، وجمع البغوي فيه بين الرواية والدراية.

وأيضا كتاب مصابيح السنة، وجمع فيه المؤلف طائفة من الأحاديث، محذوفة الأسانيد، معتمدا على نقل الأئمة، وقسم الأحاديث إلى صحاح وحسان، وعنى بالصحاح ما أخرجه الشيخان، وبالحسان ما أورده أبو داود والترمذي، وما كان فيه من ضعيف أو غريب أشار إليه، وأعرض عما كان منكرا أو موضوعا، وهو كتاب مشهور، اعتنى به العلماء، ومن أهم شروحه هو مشكاة المصابيح للشيخ ولى الدين محمد بن عبد الله الخطيب، فقد أكمل المصابيح وذيّل أبوابه، فذكر اسم الصحابي الذي روى عنه الحديث، وذكر الكتاب الذي أخرجه، وهو كتاب مخدوم مطبوع بتحقيق الشيخ ناصر الدين الألباني، وبدأ سماعاته بعد سنة أربعمائة وستين ودرس وأخذ أكثر علومه بالقاهرة، وولي قضاء القدس سنة سبع وثمانين، ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية سنة تسعين وجمع له بين القضاء ومشيخة الشيوخ.

ثم نقل إلى دمشق وجمع له القضاء والخطابة ومشيخة الشيوخ، ثم أعيد إلى الديار المصرية بعد وفاة ابن دقيق العيد، وكان من شيوخه هو أبو على الحسين بن محمد بن أحمد المرزوى، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم المليحى الهروى، وأبو الحسن على بن يوسف الجوينى، وأبو بكر يعقوب بن أحمد الصرفى النيسابوري، وأبو على حسان بن سعيد المنيعي، وأبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابى المرزوى، وأبو القاسم عبد الكريم بن عبد الملك ابن طلحة النيسابوري القرشي الملقب شيخ بخراسان، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك بن على بن أحمد النيسابوري، وأبو تراب عبدالبافى بن يوسف بن على بن صالح بن عبد الملك المراغى الفقيه الشافعي، وعمر بن عبد العزيز الفشانى، وأبو الحسن محمد بن محمد الشريزى، وأبو سعد أحمد بن محمد بن العباس الخطيب الحميدى.

وأبو محمد عبد الله بن عبد الصمد بن أحمد بن موسى الجوزانى، وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد بن المعلم الطوسى، وأبو طاهر محمد بن على بن محمد بن على بن بوية الزراد، وأبوبكر أحمد بن أبي نصر الكوفانى، وأبو منصور محمد بن عبد الملك المظفرى السرخسى، وأبو عبد الله محمد بن الفضل بن جعفر الخرقى، وأبوالحسن على بن الحسين بن الحسن القرينينى، وأبوالحسن عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن المظفر الداودى، وكان من تلامذته هو مجد الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد المتوفى سنة خمسمائة وواحد وسبعين للهجرة، وهو الذي روى شرح السنة عن مؤلفه الإمام البغوى، ثم أخذ عنه الكثير من علماء الشريعة، وايضا تلميذه هو أبو الفتوح محمد بن محمد بن على الطائي الهمذاني، وهو محدث متوفى سنة خمسمائة وخمس وخمسين للهجرة.

ومن تاليفه الأربعين في إرشاد السالكين إلى منازل المتقين، وقد جمعه عن مسموعاته أربعين شخصا، وأيضا من تلاميذه هوأبو المكارم فضل الله بن محمد بالنوقاني، وهو اخر من روى عنه وبقى إلى سنة ستمائة من الهجرة، وأجاز للفخر علي بن البخاري شيخ الإمام الحافظ الذهبي وأخذ عنه الكثير من علماء أهل مرو، وروى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وجماعة وآخرهم أبو المكارم فضل الله بن محمد النوقاني وله من التصانيف معالم التنزيل في التفسير وشرح السنة والمصابيح والجمع بين الصحيحين والتهذيب في الفقه وقد بورك له في تصانيفه ورُزق فيها القبول الحسن بنيته وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة، وكان قانعا يأكل الخبز وحده، ثم عُذل في ذلك فصار يأكله بزيت، وقال السبكي وكان البغوى يلقب بمحى السنة.

وبركن الدين، ولم يدخل بغداد، ولو دخلها لاتسعت ترجمته، وقدره عال في الدين والتفسير والفقه والحديث، وقال ابن العماد الحنبلي المحدث المفسر صاحب التصانيف، عالم أهل خرسان، وقال ابن خلكان كان بحر في العلوم وصنف في تفسير كلام الله وأوضح المشكلات من قول النبي صلي الله عليه وسلم، وقال ابن كثير في البداية والنهاية وكان علامة زمانه، ديِّنا، ورعا، زاهدا، عابدا، صالحا، وقال السيوطي في طبقات الحفاظ، وبورك له في تصانيفه، لقصده الصالح، فإنه كان من العلماء الربانيين، ذا تعبد ونسك، وقناعة باليسير، وكان من مصنفاته في الحديث وعلومه هو كتاب شرح السنة وهو كتاب حافل بالسنن والآثار، ساقها بإسناده، ورتبه على الأبواب الفقهية، وكتاب مصابيح السنة وقد جمع فيه أربعة آلاف وتسعة عشر حديثا، منها المختص بالبخاري خمس وعشرون وثلاثمائة.

وبمسلم خمس وسبعون وثمانمائة، ومنها المتفق عليه واحد وخمسون وألفا والباقي من كتب أخرى، وقال المؤلف ألفاظ صدرت عن صدر النبوة مما أوردها الأئمة في كتبهم هذه أجمعتها للمنقطعين إلى العبادة لتكون لهم بعد كتاب ﷲ تعالى حظا من السنن وقسمها إلى صحاح وحسان مريدا بالصحاح ما أخرجه الشيخان أو أحدهما، وبالحسان ما أخرجه أرباب السنن الأربعة مع الدارمي أو بعضهم، واصطلاح له ولم يعين فيه من أخرج كل حديث على انفراده، ولا الصحابي الذي رواه، وتوفي الإمام البغوي رحمه الله، بمرو الروذ وهي مدينة من مدائن خراسان، في شهر شوال سنة خمسمائة وستة عشر من الهجرة، وقد جاوز البغوي الثمانين من عمره ولم يحج وهذا الذي عليه أكثر الكتب إلا أن ابن خلكان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، ذكر أيضا سنة خمسمائة وعشر بمرو الروذ، ودفن عند شيخه القاضي حسين بن محمد بمقبرة الطالقان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى