مقال

الدكروري يكتب عن الإمام السخاوي ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام السخاوي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام السخاوي هو الشيخ الإمام، العالم العلامة المسند، الحافظ المتقن هو شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي الشافعي، والسخاوي نسبة إلى سخا وهي شمال مصر، وهو مؤرخ كبير وعالم حديث وتفسير وأدب شهير من أعلام مؤرخي عصر المماليك، وقد كان السخاوي بلا ريب من أعظم شخصيات مصر الإسلامية والعالم الإسلامي في القرن التاسع الهجري، وولد الإمام السخاوي وعاش في القاهرة، ومات بالمدينة المنورة وسافر في البلدان سفرا طويلا وصنف أكثر من مائتي كتاب أشهرها الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع وترجم نفسه فيه بثلاثين صفحة، وولد شمس الدين السخاوي في شهر ربيع الأول سنة ثماني مائة وواحد وثلاثين من الهجرة، في حارة بهاء الدين في ذلك الوقت وهي قريبا من مدرسة شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بالقرب من باب الفتوح حاليا بالقاهرة.

 

وبعدها انتقل إلى ملك لأبيه مجاور لمسكن ابن حجر العسقلاني، وفي أسرة أصلها من بلدة سخا من أعمال الغربية، واستقرت في القاهرة قبل ذلك بجيلين ولما بلغ الرابعة من عمره تحولت أسرته إلى منزل جديد في نفس الحي اشتراه أبوه وكان موقعه بجوار دار علامة العصر الحافظ ابن حجر العسقلاني وكان لهذا الجوار أكبر أثر في حياة السخاوي، وابتدأ تحصيل العلوم الشرعية في سن مبكرة، فحفظ القرآن وجوّده، ثم حفظ كثيرا من المتون في مختلف الفنون، وقابل الشيوخ وأهل العلم في عصره وأخذ عنهم، وأخذ عن جماعة لا يحصون يزيدون على أربعمائة نفس، وقد أنفق السخاوي بضعة أعوام في المكتب وحفظ القرآن ثم أخذ يطوف بأشياخ العصر يتلقى عنهم مختلف العلوم والفنون ودرس النحو والعروض واللغة والفقه والحساب والميقات والأصول والبيان والتفسير والمنطق وهنا يعدد لنا السخاوي ثبت أساتذته وما أخذه عن كل منهم.

 

وما درسه من مختلف الكتب وتجلت مواهبه ومقدرته بسرعة مدهشة وأجاز له الكثيرون من شيوخه، بل أجازوا له الإفتاء ولما يبلغ العشرين بعد، وقد أرسله أبوه إلى المؤدب الشرف عيسى بن أحمد المقسي الناسخ فأقام عنده فترة قصيرة، ثم نقله أبوه إلى زوج أخته الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري وهو أحد أصحاب الشيخ يوسف الصفي المالكي فقرأ عنده القرآن الكريم، وبعدها بفترة، توجه به أبوه إلى الفقيه الشيخ الشمس محمد بن أحمد النحريري السعودي الضرير وهو مؤدب البرهان بن خضر والجلال بن الملقن وابن أسد وغيرهم من العلماء الكبار في هذا العصر لاستكمال تعلم القرآن وعلوم تجويده، وحفظ منه فوائد ونوادر في الأدب، وقرأ عليه بعض الحديث، وبعدها انتقل بأمر من السعودي الضرير إلى الشيخ الشهاب بن أسد فحفظ عنده كتاب عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي.

 

وكتاب التنبيه وهو الذي ألفه عم السخاوي، وكتاب المنهاج الأصلي وألفية ابن مالك وكتاب النخبة، وكذلك قرأ عليه القرآن بقراءة أبي عمرو وابن كثير المقرئ، وكذلك تدرب على القراءة والمطالعة، حتى صار يشارك غالب من يتردد عليه في فهم القرآن والفقه وغيره، وكانت من عادة الإمام السخاوي أنه كلما حفظ كتابا عرضه على شيوخ عصره لكن لم يأخذ عنهم ومنهم المحب بن نصر الله البغدادي الحنبلي، والشمس بن عمار المالكي، والشيخ النور التلواني وذلك نسبة لتلوانة، والجمال عبد الله الزيتوني وذلك نسبة لمنية الزيتون، والشيخ الزين عُبادة، ومعه الشمس البساطي، وجده، وبعدها حفظ ألفية العراقي وكتاب شرح النخبة وغالب كتاب الشاطبية وبعض كتاب جامع المختصرات، ومقدمة الساوي في العروض وكتبا أخرى كثيرة لم يكمل حفظها، وبعد ذلك قرأ بعض القرآن علي الشيخ النور البلبيسي.

 

وذلك نسبة لبلبيس وكان وقتها إمام الأزهر، وقرأ على الشيخ الزين عبد الغني الهيثمي على رواية ابن كثير، وسمع كثيرا من الروايات السبعة والعشرة على الشيخ الزين رضوان العقبي، والشيخ الشهاب السكندري وغيره من مشايخ هذا العصر بل يقول السخاوي إنه سمع الفاتحة وبداية سورة البقرة على شيخه بقراءة ابن أسد وجعفر السنهوري وغيرهما من مشايخ القراءات في هذا العصر، وحفظ القرآن وهو صغير، ثم حج في سنة خمس وثمانين، وجاور سنة ست وسبع وأقام منهما ثلاثة أشهر بالمدينة المنورة، ثم حج سنة اثنين وتسعين وجاور سنة ثلاث وأربع ثم حج سنة ست وتسعين وجاور إلى أثناء سنة ثمان وتوجه إلى المدينة فأقام بها أشهرا وصام رمضان بها ثم عاد في شوال إلى مكة وأقام بها مدة ثم رجع إلى المدينة وجاور بها حتى مات سنة اثنتين وتسعمائة يوم الأحد الثامن والعشرين من شهر شعبان ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام مالك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى