مقال

الدكروري يكتب عن الإمام عاصم ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام عاصم ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

والإمام عاصم هو عاصم بن أبي النجود، وقيل اسم أبيه عبدالله وكنيته أبو النجود، واسم أم عاصم بهدله، ولذلك يقال له عاصم بن بهدله، وكنيته أبو بكر، وهو أسدي كوفي، وقيل كان مولده في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وهو أحد القراء العشرة للقرآن الكريم، وكان شيخ الإقراء بالكوفة، وغالبا ما ينتهي أي سند باسمه، وهو تابعي جليل وقرأ عاصم على أبي عبدالرحمن عبدالله بن حبيب بن ربيعة السلمي الضرير، وعلى أبي مريم زر بن حبيش بن حباشة الأسدي، وعلى أبي عمرو سعد بن الباس الشيباني، وقرأ هؤلاء على عبدالله بن مسعود، وقرأ زر والسلمي أيضا على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقرأ السلمي أيضا على أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وقرأ ابن مسعود، وعثمان، وعلي، وزيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان عاصم يقرئ حفصا بقراءة علي بن أبي طالب التي يرويها من طريق أبي عبد الرحمن ويقرئ أبا بكر بن عياش بقراءة ابن مسعود التي يرويها من طريق زر بن حبيش، ولم يتعرض أحد ممن روى تاريخ الإمام عاصم الكوفي لسنة مولده، أو البلد التي ولد فيها الإمام عاصم الكوفي، ومن الواضح أن الإمام عاصم قد ولد ونشأ وتوفي بالكوفة، وقد أشار الإمام الشاطبي إلى أن الإمام عاصم كان يقيم بالكوفة، فقال في مقدمة الشاطبية، وبالكوفة العراء منهم ثلاثة أذاعوا فقد ضاعت شذا وقر نفلا، فأما أبو بكر وعاصم اسمه فشعبة راويه المبرز أفضلا، ومعني ذلك بأن الغراء يعني المشهورة البيضاء المنيرة بكثرة العلماء بها، منهم يعني من السبعة ثلاثة هم عاصم وحمزة والكسائي أذاعوا أي أفشوا العلم بها وشهروه ونشروه والضمير في ضاعت للكوفة.

أو للقراءة أي فاحت رائحة العلم بها والشذا كسر العود والقرنفل معروف، وهذا هو البدر الخامس أبو بكر عاصم بن أبي النجود أحد السادة من أئمة القراءة والحديث، وقد أثنى الشيخ الشاطبي على عاصم بأن من جملة الرواة عنه شعبة الذي برز في الفضل وهو باب من أبواب المدح معروف فكم من تابع قد زان متبوعه وكم من فرع قد شرف أصله، وبدأ عاصم رحمه الله بالتعلم وهو صغير, أخذ القراءة عرضا عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي، وكان الإمام عاصم رحمه الله أعمى لا يبصر، وكان عاصم نحويا فصيحا إِذا تكلم، مشهور الكلام، وكان هو والأعمش وأبو حُصين الأسدي لا يبصرون، وقيل جاء رجل يوما يقود عاصم، فوقع وقعة شديدة، فما نهره، ولا قال له شيئا، وكان عاصم إِذا صلى، ينتصب كأنه عود، وكان يكون يوم الجمعة في المسجد إِلى العصر.

وكان عابدا، خيّرا، يصلي أبدا، ربما أتى حاجة، فإذا رأى مسجدا، قال مل بنا، فإن حاجتنا لا تفوت، ثم يدخل فيصلي، وكان عاصم بن أبي النجود ذا أدب، ونسك، و فصاحة، وصوت حسن، وكان رحمه الله موهوب الذكاء والحفظ، ومن شيوخ الإمام عاصم الكوفي أنه روي حماد بن زيد عن عاصم قال كنا نأتي أبا عبد الرحمن أي السلمي ونحن غلمة أيفاع، وقال أبو بكر بن عياش قال لي عاصم ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن وكان أبو عبد الرحمن قد قرأ على الإمام علي فكنت أرجع من عنده فأعرض على زر وكان زر قد قرأ على عبدالله بن مسعود فقلت لعاصم لقد استوثقت رواها يحيى بن آدم عنه، وروى جماعة عن عمرو بن الصباح عن حفص الغاضري عن عاصم عن أبي عبد الرحمن عن الإمام علي بالقراءة، وذكر عاصم أنه لم يخالف أبا عبد الرحمن.

أي السلمي في شيء من قراءته وأن أبا عبد الرحمن لم يخالف عليا في شيء من قراءته، وروى أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش قال كل قراءة عاصم قراءة أبي عبد الرحمن إلا حرفا، وقال الذهبي وقرأ القرآن على أبي عبدالرحمن السلمي، وزر بن حبيش الاسدي، وحدث عنهما، وعن أبي وائل، ومصعب بن سعد، وطائفة من كبار التابعين، وروى فيما قيل عن الحارث بن حسان البكري، ورفاعة بن يثربي التميمي، أو التيمي، ولهما صحبة، وهو معدود في صغار التابعين، ومن ثناء العلماء على الإمام عاصم الكوفي، أنه قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي عن عاصم فقال رجل صالح ثقة خير، وقال عنه الإمام ابن الجزري هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه جمع بين الفصاحة والاتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن.

وقال أبو بكر بن عياش لا أحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم بن أبي النجود، وقال يحيى بن آدم عن حسن بن صالح ما رأيت أحدا قط كان أفصح من عاصم، وقال ابن عياش، قال لي عاصم مرضت سنتين فلما قمت قرأت القرآن فما أخطأت حرفا، وقال حماد بن سلمة رأيت حبيب بن الشهيد يعقد الآي في الصلاة ورأيت عاصم بن بهدلة يعقد ويصنع مثل صنيع عبد الله بن حبيب، وروى حماد بن سلمى وأبان العطار عن عاصم أن أبا وائل ما قدم عليه إلا قبّل كفه، وقال حفص كان عاصم إذا قرىء عليه أخرج يده فعد، وروى أبو بكر بن عياش عنه أنه كان يبدأ بأهل السوق في القراءة، وقال أبو حاتم محله الصدق، وأما عن تلاميذه الذين رووا عنه فكثيرون عد منهم الذهبي، الأعمش والمفضل بن محمد الضبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى