مقال

سبب حبوط الأعمال الصالحة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن سبب حبوط الأعمال الصالحة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 20 ديسمبر

الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن المؤمن بالله الواثق بنصر الله قوي وإن لم يكن في يده سلاح، وكذلك القوة صفة الأنبياء والصالحين، فنبي الله موسى عليه السلام أمر بأخذِ الألواحِ بقوة، وبسبب قوة سيدنا موسي عليه السلام دفعت المرأتين إلى اختيار موسى عليه السلام، وإن المؤمن بالله الواثق بنصر الله وإن الرزق من عند الله عزيز.

وإن لم يكن وراءه عشيرة وأتباع وهو أيضا ثابت وإن اضطربت به مصائب الحياة، فالمؤمن أقوى من البحر بأمواجه والرياح بهبوبها والجبال وثباتها وصدق النبي صلى الله عليه وسلم القائل “لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال” وجاء في حديث رواه الامام احمد قول النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله لما خلق الأرض مارت وتحركت فثبتها بالجبال فتعجبت الملائكة وقالت يارب هل خلقت خلقا أشد من الجبال؟ قال نعم الحديد يفتت الجبال فقالت الملائكة هل خلقت خلقا أشد من الحديد؟ قال نعم النار تذيب الحديد فقال الملائكة يا رب هل خلقت خلقا أشد من النار؟ قال نعم الماء تطفئ النار فقالت الملائكة هل خلقت خلقا أشد من الماء؟ قال نعم الرياح ، فقالت الملائكة يا رب هل خلقت خلقا أشد من الرياح ؟

قال نعم المؤمن إذا تصدق بالصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه هو عندي أقوى من ذلك كله” فكم نحن بحاجة الى المؤمن القوي الذي يتماسك أمام المصائب ويثبت بين يديِ البلاء راضيا بقضاء الله وقدره، وقد صوّر هذا رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله “عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له” رواه مسلم، واعلموا يرحمكم الله أن الله عز وجل جعل لنا أيام فيها نفحات طيبة للعبد المسلم ومن هذه الأيام هي الأيام العشر من شهر دو الحجة أعادها الله علينا بالخير واليمن والبركات وبلغنا إياها والتي يشرع فيها التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد، ويشرع التكبير المقيّد، وهو الذي يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة،

ويبدأ لغير الحجاج من فجر يوم عرفة وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، وتشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمّى وكبر ووضع رجله على صفاحهما” متفق عليه، وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره” وفي رواية “فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي” ولعل ذلك تشبها بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى “ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله”.

وهذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية، ولا يعم الزوجة ولا الأولاد، إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه، ولو سقط منه شيء من الشعر، وعلى المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى، وحضور الخطبة والاستفادة، وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر، وعمل بر، فلا يجعله يوم أشر وبطر، ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني، والملاهي، والمسكرات ونحوها، مما قد يكون سببا لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر، وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره، والقيام بالواجبات، والابتعاد عن المنهيات، واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى