مقال

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 7″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السابع مع شهر الجهاد والصبر، ولا بد من لقاء الله سبحانه مهما كدح الإنسان في هذه الحياة، فيقول تعالى فى سورة الإنشقاق” يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه” فمن عُنى بمحاسبة النفس فسيُسر ويغتبط عندما يلقى الله تعالى، أما من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى، فإنه سيندم حين لا ينفع الندم، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم “حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات” رواه مسلم، فطريق الجنة محفوف بالمكاره، فالنفس بطبعها تميل عن هذا الطريق، فتحتاج إلى نهى حتى تسلك هذا الطريق الموصل للفلاح، وأما طريق النار فإنه محفوف بالشهوات، فالنفس بطبعها تميل إليه، فتحتاج إلى نهى حتى تترك هذا الطريق المؤدية إلى الخسران، فإن الهوى هو طريق النار المحفوف بالشهوات، فالنفس بطبيعتها تميل إليه فمن نهاها وخاف مقام ربه.

 

فإن الجنة هي المأوى، أما من أطلق لنفسه عنان ولم ينهها فإن النفس تقوده إلى الردى، وإن سياسة النفس عجيبة، وتحتاج إلى أن يكون لدى المسلم فهم وفقه لهذه السياسة، فالنفس تميل للهوى لكنها كالدابة الجموح التي تريد أن تنطلق براكبها من غير زمام، ولكن إذا أمسك الراكب بزمامها وسار بها إلى الطريق الموصل وصل، أما إن ترك هذه الدابة تسير به من غير أخذ بزمامها فسيجد نفسه في النهاية قد شردت به هذه الدابة وأضاع الطريق، ومن طبيعة النفس أنها إذا رأت من الإنسان حزما وعزما فإنها تنقاد له، وإذا رأت منه ضعفا وترددا مالت به للهوى، فعلى سبيل المثال من ينام وهو متردد في القيام لصلاة الفجر سيجد ثقلا كبيرا وسيجد أن نفسه تغلبه ولن يقوم لأداء صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد في الغالب، أما من نام وقد عزم عزيمة قوية على القيام لصلاة الفجر.

 

واتخذ قرارا حاسما بأنه لا بد أن يقوم لصلاة الفجر، واتخذ من الوسائل ما يعينه على ذلك فإن هذا لن يجد صعوبة فى الاستيقاظ وقت صلاة الفجر وفى أدائها مع الجماعة فى المسجد، أرأيتم الفرق بين الأول والثاني؟ فالأول عنده ضعف وتردد وضعف عزيمة، والثانى عنده قوة عزيمة وعنده اهتمام كبير واتخذ قرارا بأنه لا بد أن يصلي مع الجماعة فى المسجد، هذا القرار وهذه العزيمة هي من أكبر العون للإنسان على أن يحقق هذا الهدف وأن يؤدى الصلاة مع الجماعة في المسجد ومن طبيعة النفس كذلك أنها إذا اعتادت شيئا من الشهوات المحرمة فإنه يصعب عليها فطامها منها، ولكن إذا وجدت قوة وعزيمة من الإنسان فسرعان ما تنفطم، ويشبهها بعضهم بالطفل الرضيع، فإنه يريد الاستمرار فى الرضاع فإذا فطم عن الرضاع تألم يوما أو يومين أو ثلاثة ثم إذا به يتعود على الفطام.

 

وهكذا النفس إذا فطمت عن بعض ما ألفته قد تتألم ثم سرعان ما تنفطم، والنفس كالطفل إن تهمله شب على، حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم، ومن اعتاد إطلاق بصره إلى ما حرم الله إذا أراد نهى نفسه عن ذلك، فقد يجد فقد يجد صعوبة في بداية الأمر، ولكن سرعان ما تنفطم نفسه مع المجاهدة، وتنقاد له، وهذا الانقياد من النفس للإنسان، حتى تستقيم على طاعة الله عز وجل وهو التيسير لليسرى الذى ذكره الله تعالى فى قوله تعالى فى سورة الليل ” فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى” أى أن الإنسان يؤدى الطاعات بسهولة ويسر من غير أن يجد كلفة ولا صعوبة ولا مشقة، وهذا هذا من التيسير لليسرى هذا من التوفيق الذى يوفق الله تعالى له بعض الناس، فتجد بعض الناس لا يجد أدنى صعوبة أو مشقة فى القيام لصلاة الفجر، أو فى صيام النوافل.

 

أو فى البذل والإنفاق فى سبيل الله، بينما تجد آخرين يجدون صعوبة وثقلا وترددا، كما قال الله تعالى فى شأن الصلاة كما جاء فى سورة البقرة ” وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين” والفرق بينهما أن الأول قد يُسر لليسرى، وهو يأتى بالطاعات بسهولة ويسر من غير كلفة ومشقة، أما الآخر فلم ييسر لليسرى، وهذا يرجع إلى فقه طبيعة النفس وسياسة النفس، فينبغى العناية بهذه المسألة، وأن يكون لدى الإنسان فقه ومعرفة بطبيعة نفسه، وأن النفس بطبعها تريد أن تنجرف به للهوى، فهي تحتاج منه إلى نهي تحتاج منه إلى مراقبة، وتحتاج منه إلى محاسبة حتى تستقيم على طاعة الله عز وجل، فإن الإنسان في هذه الحياة الدنيا في دار ابتلاء وامتحان، ولا تصفو هذه الحياة الدنيا لأحد، فقال تعالى ” لقد خلقنا الإنسان فى كبد ” وإذا كان كذلك فإن المسلم عليه أن يجتهد في جهاد النفس والشيطان حتى تستقيم نفسه على طاعة الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى