مقال

الدكروري يكتب عن الإمام صعصعة بن سلام

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام صعصعة بن سلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام صعصعة بن سلام الدمشقي ويقال ابن عبد الله، وأبو عبد الله الدمشقي وسكن الأندلس وحدث بها وبمصر عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ومالك بن أنس، وكان أول من أدخل الحديث الأندلس، ولم يزل بها إلى زمن هشام بن عبد الرحمن، وتوفي بها قريبا من سنة مائة وثمانين من الهجرة، وقيل سنة مائة واثنين وتسعين من الهجرة، بالجزيرة، وقال الحميدي هو أول من أدخل مذهب الأوزاعي إلى الأندلس، وكانت الفتيا دائرة عليه بالأندلس أيام الأمير عبد الرحمن وصدرا من أيام هشام بن عبد الرحمن، وولي الصلاة بقرطبة، وفي أيامه غرست الشجرة في المسجد الجامع، وهو مذهب الأوزاعي والشاميين ويكرهه مالك وأصحابه، وصعصعة بن سلام، تحول إلى الأندلس فاستوطنها في زمن عبد الملك بن معاوية وابنه هشام.

 

وقد روى عن الإمام مالك، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وروى عنه جماعة منهم عبد الملك بن حبيب الفقيه، وذكره في كتاب الفقهاء، وذكره ابن يونس في تاريخه تاريخ مصر، والحميدي في تاريخ الأندلس، وحرر وفاته في هذه السنة، وحكي عن شيخه ابن حزم أن صعصعة هذا أول من أدخل مذهب الأوزاعي إلى الأندلس، وقال ابن يونس هو أول من أدخل علم الحديث إليها، وأما عن مذهب الإمام الأوزاعي رحمه الله هو أول مذهب فقهي عرفته بلاد الأندلس، وقال الحميدي في ترجمة صعصعة بن سلام هو أندلسي، فقيه، من أصحاب الأوزاعي، وهو أول من أدخل الأندلس مذهب الأوزاعي، وقال الذهبي كان للأوزاعي مذهب مستقل عمل به فقهاء الشام مدة، وفقهاء الأندلس مدة، ثم فني، وقال عبد الباسط الفاخوري وقد بقي أهل الشام وما يليها.

 

وأهل الأندلس يتعبدون على مذهبه أي الأوزاعي نحو مائتين وعشرين سنة، ثم تلاه مذهب الإمام مالك رحمه الله، وقال الحميدي في ترجمة زياد بن عبد الرحمن بن زياد هو أول من أدخل الأندلس فقه مالك بن أنس، وكانوا قبل ذلك على مذهب الأوزاعي، مات زياد بالأندلس سنة ثلاث، وقيل سنة تسع وتسعين ومئة، وقال ابن حزم مات سنة أربع ومئتين، ثم تلاهما مذهب الإمام داود الظاهري رحمه الله، وقال ابن الفرضي في ترجمة عبد الله بن محمد بن قاسم القرطبي في تاريخ علماء الأندلس، رحل ودخل العراق، ولقي أبا سليمان داود القياسي، فكتب عنه كتبه كلها، وأدخلها الأندلس، فأجملت به عند أهل وقته، وكان علم داود الأغلب عليه، ونظر في علم مالك نظرا حسنا، غير أنه كان يميل إلى علم داود والحجة، ولقي المزني وحدث عنه، وكان نبيلا.

 

وتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وقيل أن من العلماء الأندلسيين كانوا على مذهب الأوزاعي، إذ يقول الفاخوري أن أهل الأندلس استمروا بالتعبد على مذهبه نحومائتين وعشرين عاما حيث أن مذهب الإمام الأوزاعي رحمه الله هو أول مذهب فقهي عرفته بلاد الأندلس، وقيل أن هناك ثلاثة علماء كانوا على مذهب الأوزاعي، وهم زهير بن مالك البلوي وهو في الأندلس وهو المتوفي قبل عام مائتان وخمسون من الهجرة، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم وهو في دمشق وهو المتوفي عام مائتان وخمس وأربعون من الهجرة، وأحمد بن سليمان بن أيوب ابن حذلم الأسدي وكان آخر من يفتي بمذهب الأوزاعي في دمشق وهو المتوفي عام ثلاثمائة وخمس وأربعون من الهجرة، وأما عن السبب الذي أدى إلى اندثار مذهب الإمام الأوزاعي؟ فقال الذهبي في تاريخ الإسلام.

 

كان مذهب الأوزاعي ظاهرا بالأندلس إلى حدود العشرين ومائتين، ثم تناقض واشتهر مذهب مالك بيحيى الليثي، وكان مذهب الأوزاعي مشهورا بدمشق إلى حدود الأربعين والثلاث مئة، وكان القاضي أبو الحسن ابن حذلم له حلقة بجامع دمشق ينتصر فيها للمذهب الأوزاعي، وقيل أنه لم نعثر على مدونة دون فيها آراء الإمام وفتاويه، كما لم نعثر على مدونات له أو لأصحابه تجمع آراءهم وآراء إمامهم كما عثر على مدونات للأئمة الأربعة ولأصحابهم حفظت مذاهبهم وعلم ما فيها، وكل ما عثر عليه أقوال فقهية وفتاوى منثورة في كتب الفقه المذهبي وكتب الخلاف وكتب التفسير والحديث، وعاش الإمام صعصعة بن سلام في الأندلس وتوفي بها قريبا من سنة مائة وثمانين من الهجرة، وقيل سنة مائة واثنين وتسعين من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى