مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عبد البر ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عبد البر ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام إبن عبد البر، ونقل اتفاق المسلمين على ذلك يقول رحمه الله “واتفق أهل الإسلام أن الدين تكون معرفته على ثلاثة أقسام أولها معرفة خاصة الإيمان والإسلام، وذلك معرفة التوحيد والإخلاص ولا يوصل إلى علم ذلك إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو المؤدي عن الله والمبين لمراده، وبما في القرآن من الأمر بالاعتبار في خلق الله بالدلائل من آثار صنعته في بريته على توحيده وأزليته -سبحانه، والإقرار والتصديق بكل ما في القرآن وبملائكة الله وكتبه ورسله” وأما عن منهجه في باب الأسماء والصفات، يقول رحمه الله مبينا كيفية معرفة أسماء الله وصفاته “ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يُسلم له ولا يناظر فيه”

 

وقد قال إبن عبد البر ذلك القول السابق بعد أن نقل عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خويز منداد أنه قال في شرح قول مالك لا تجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء “أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدا ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها” وقال ابن عبد البر “لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى ووصف به نفسه لا شريك له، ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن” ويقول أيضا ابن عبد البر مبينا المعنى السابق مع نقله الإجماع على حمل الصفات على الحقيقة مع عدم تكييفها ورده على من اتهم أهل السنة أنهم مشبهة “فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه.

 

أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فلا نتعدى ذلك إلى تشبيه أو قياس أو تمثيل أو تنظير فإنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله، وهم أئمة الجماعة والحمد لله” ويقول حاثا على ترك الجدال المذموم في أسماء الله تعالى وصفاته “ونهى السلف رحمهم الله عن الجدال في الله جل ثناؤه في صفاته وأسمائه، وأما الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر.

 

لأنه علم يحتاج فيه إلى رد الفروع على الأصول للحاجة إلى ذلك وليس الاعتقادات كذلك لأن الله عز وجل لا يوصف عند الجماعة أهل السنة إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت الأمة عليه، وليس كمثله شيء فيدرك بقياس أو بإمعان نظر، وقد نهينا عن التفكر في الله وأمِرنا بالتفكر في خلقه الدال عليه” وذكر ابن عبد البر بإسناده عن سحنون بن منصور أنه قال قلت لأحمد بن حنبل ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا، أليس تقول بهذه الأحاديث، ويرى أهل الجنة ربهم، وبحديث لا تقبحوا الوجوه، وإن الله خلق آدم على صورته، واشتكت النار إلى ربها حتى يضع الله فيها قدمه، وأن موسى عليه السلام لطم ملك الموت صلوات الله عليه؟ قال أحمد كل هذا صحيح، وقال إسحاق كل هذا صحيح، ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي.

 

ثم قال أبو عمر ابن عبد البر “الذي عليه أهل السنة وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها الإيمان بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها والتصديق بذلك، وترك التحديد والكيفية في شيء منه” ثم نقل عن سفيان بن عيينة أنه قال “هذه الأحاديث نرويها ونقر بها كما جاءت، بلا كيف” ثم نقل عن الوليد بن مسلم أنه قال سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات فقالوا “أمرّوها كما جاءت بلا كيف” ثم ذكر نحو هذا عن يحيى بن معين ووكيع بن الجراح وإسماعيل بن أبي خالد وسفيان ومسعر وعباس بن محمد الدوري وأبي عبيد القاسم بن سلام، ثم قال أبو عمر ابن عبد البر “الذي أقول إنه من نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار، وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى