مقال

الدكروري يكتب عن هل انتهي رمضان؟ ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن هل انتهي رمضان؟ ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع هل انتهي رمضان؟ فمن مات عليها فهو ممن استقام، فيامن رفعت كفيك في رمضان طالبا الهداية، زاعما الرجوع، مدعيا الإقبال، هل صدقت في زعمك، ووفيت مع الله بعد رمضان؟ أم أنك رغت روغان الثعلب فتعاملت مع الله بذمتين، ذمة رمضانية، وذمة غير رمضانية، ولقيت الله بوجهين، وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “شر الناس ذو الوجهين” فكان حالك قريبا من حال المنافقين، فإن الاستقامة هي الحل وهى السبيل، وهذه الاستقامة لا تتأتى بالأماني، وإنما لها شرائط وأسباب ومنها الاستعانة بالله، بأن تعلم أن الذى أقامك لعبادته في رمضان هو الله، وهو وحده القادر على أن يعينك على المداومة والاستمرارية فليست الاستقامة قوة منك ولا قدرة فيك، ولا فتوة في جنابك، وإنما هي محض منة الله وفضله أن يوفق عباده للطاعة ثم يتقبلها منهم.

 

وهذا الاعتراف منك هو بداية الاستقامة، أما الناظر إلى عمله المحسن الظن بنفسه الذي يظن أن عبادته إنما هي بقدرته وقوته، فهذا يكله الله إلى نفسه، ومن وكله الله لنفسه هلك، ولذلك كان من دعاء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “ولا تكلنى إلى نفسي طرفة عين أبدا” رواه أبو داود، وعن الأسود بن هلال أنه قال لأصحابه ما تقولون في هاتين الآيتين “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا” وقوله تعالى ” والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم” فقالوا، استقاموا فلم يذنبوا ولم يلبسوا إيمانهم بخطيئة، فقال أبو بكر الصديق لقد حملتموها على غير المحمل قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إله غيره ” ولم يلبسوا إيمانهم بشرك أولئك لهم الأمن وهم مهتدون، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال على المنبر وهو يخطب “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا”

 

فقال استقاموا والله على الطريقة لطاعته ثم لم يرغوا روغان الثعالب، وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم أخلصوا العمل لله، وقال الإمام علي رضى الله عنه ثم أدوا الفرائض، وقالت الصحابه والتابعين، أى استقاموا على الطاعة لله، واستقاموا على أمر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته، واستقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله حتى ماتوا، وعملوا على وفاق ما قالوا وأعرضوا عما سوى الله، وزهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية، واستقاموا إسرارا كما استقاموا إقرارا، واستقاموا فعلا كما استقاموا قولا، وقال أنس بن مالك رضى الله عنه لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم “هم أمتي ورب الكعبة” ومعناها هو اعتدلوا على طاعة الله عقدا وقولا وفعلا، وداموا على ذلك، وتتنزل عليهم الملائكة عند الموت إذا قاموا من قبورهم للبعث وهي بشرى تكون لهم من الملائكة في الآخرة.

 

والبشرى في ثلاثة مواطن عند الموت، وفي القبر وعند البعث، وألا تخافوا أى بألا تخافوا فلا تخافوا الموت ولا تخافوا رد ثوابكم فإنه مقبول، ولا تخافوا إمامكم، ولا تحزنوا على ذنوبكم، ولا تحزنوا على أولادكم، فإن الله خليفتكم عليهم، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم، ولا تحزنوا على ذنوبكم، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، وقوله تعالى نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة أى تقول لهم الملائكة الذين تتنزل عليهم بالبشارة ” نحن أولياءكم ” أي نحن قرناءكم الذين كنا معكم فى الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قالوا لا نفارقكم حتى ندخلكم الجنة، وقيل أى نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا وأولياءكم في الآخرة، ويجوز أن يكون هذا من قول الله تعالى، والله ولي المؤمنين ومولاهم، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم أي من الملاذ، ولكم فيها ما تدعون تسألون وتتمنون، نزلا أى رزقا وضيافة.

 

وبعد رمضان هناك مواسم تتكرر، فالصلوات الخمس من أجلّ الأعمال وأول ما يحاسب عليه العبد، ولئن انتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل كالست من شوال، وقد قال صلى الله عليه وسلم “من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كمن صام الدهر” وهناك صيام الاثنين والخميس والأيام البيض وعاشوراء وعرفة وغيرها، ولئن انتهى قيام رمضان فهناك قيام الليل، فقال تعالى واصفا عباده المؤمنين”كانوا قليلا من الليل ما يهجعون” وعندما سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصلاة بعد الفريضة قال ” قيام الليل” ومن أراد أن يعرف هل قبل الله صومه أم لا فلينظر فى حاله، ويقارن بين وضعه فى شهر رمضان، وحاله بعد شهر رمضان، فهل ملأت التقوى قلبه؟ وهل صلحت أعماله وتحسنت أخلاقه؟ وهل استقام سلوكه؟ وهل اجتمعت كلمتنا؟ وهل زالت الضغائن والأحقاد من نفوسنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى