مقال

الدكروري يكتب عن هل انتهي رمضان؟ ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن هل انتهي رمضان؟ ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع هل انتهي رمضان؟ والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان، فهم باستمرار يفعلون ذلك وليس قيام رمضان فقط وهكذا من سائر صفات المؤمنين والسبب أننا مطالبون بالعمل إلى الموت بأمر من الله تعالى، فلا بد من الصبر والمصابرة على الطاعة، وهذه وقفة مهمة جدا في قضية الاستمرار على الطاعة، ولعله لهذا السبب شرع لنا صيام الست من شوال، حتى لا تنقطع العبادة الجميلة وهي عبادة الصيام، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها هكذا يقول الله تعالى” وفي رواية” جعل الله الحسنة بعشر” وفي رواية “فشهر بعشرة أشهر” وفي رواية “صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام السنة ” فيكون ستة في عشرة بستين.

 

ستون يوما وهي شهران مع الشهر الذي صمناه في عشرة بعشرة أشهر فتمت السنة، وفضل الله عظيم، وكرمه واسع، وهباته مستمرة، وعطاءه لا ينقطع، ولكن أين العاملون؟ فمن فعل هذا دائما فكأنما صام عمره، من كان كلما صام رمضان صام ستا من شوال فإنه يكون قد صام العمر، له أجر صيام الدهر، وكما يجب علينا عدم الاغترار بما حصل من الطاعات، فإن بعض الناس اجتهدوا فعلا صاموا، وحفظوا جوارحهم، وختموا القرآن، وبعضهم أكثر من مرة، وعملوا عمرة في رمضان، وصلوا التراويح، وصلوا قيام رمضان كله من أوله إلى آخره ولم يخرموا منه يوما أو ليلة، وفعلوا ما فعلوا من الصدقات، وقدموا ما قدموا، وجلسوا في المساجد من بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس، وبعد الصلاة يقرؤون القرآن، وقبل الصلاة ينتظرون الصلاة، حصلت عبادات كثيرة، لكن إذا كانت النفس سيئة.

 

إذا كان الطبع متعفنا فإن كثرة العبادة لا تنفع بل إن الشيطان يوسوس ويقول لقد فعلت أشياء كثيرة وطاعات عظيمة، خرجت من رمضان بحسنات أمثال الجبال فرصيدك في غاية الارتفاع، صحائف حسناتك مملوءة وكثيرة فلا عليك بعد ذلك ما عملت، ويصاب بالغرور وبالعجب، وتمتلئ نفسه تيها وفخرا، ولكن آية من كتاب الله تمحوا ذلك كله، وتوقفه عند حده، وتبين له حقيقة الأمر، وهي قول الله تعالى ” ولا تمنن تستكثر” أتمن على الله؟ أتظن أنك فعلت له هذه الأشياء تكون أنت قد قدمت له أشياء عظيمة تظنها كخدمة من خدمات البشر؟ لا تمن على الله بعملك، ولا تفخر، ولا تغتر، ولا تصاب بالعجب وتتخيل أن أعمالك كثيرة، فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الحسن ” لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله تعالى لحقره يوم القيامة”

 

أي لجاء يوم القيامة فرآه قليلا ضعيفا، لرآه حقيرا، لرأى عمله لا يساوي شيئا، فإنه لو قارنه بنعمة واحدة من النعم كنعمة البصر أو غيرها لصار هذا قليلا لا يساوي شيئا، لم يكد يعمل شيئا، ولذلك فإن الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم، وإنما يدخلونها برحمة الله تعالى، وليست الأعمال ثمنا للجنة لكنها سبب لدخول الجنة، لكنها سبب، لا ندخل الجنة إلا بالأعمال الصالحة، الذى لم يعمل صالحا لا يدخل الجنة فهي سبب لكنها ليست الثمن، فبدون رحمة الله الأعمال لا تؤهل لدخول الجنة، بل ولا تسديد نعمة ولا تسديد حق نعمة واحدة من النعم، ونذكر أيضا بأن الاستمرار في العبادة والطاعة وهضم النفس مع وجوبهما فإن ذلك لا يعني أن يكلف الإنسان نفسه فوق ما لا يطيق خذوا من العبادة ما تطيقون فإن الله لا يسأم حتى تسأموا وهذا ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم، وهنا وقفة وهى أنه لا يشترط أن نكون في بعد رمضان كما كنا في رمضان.

 

فنحن نعلم أن ذلك موسم عظيم لا يأتي بعده مثله إلى رمضان الذي بعده، لا يأتي بعده مثله، لا يأتي شهر فيه خيرات ومغفرة ورحمة وعتق كما في هذا الشهر الذي انصرم، فنحن لا نقول كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد فالنفس لا تطيق ذلك، لكن لا للانقطاع عن الأعمال، فإن الخطورة في الانقطاع فلا بد من أخذ الأمور بواقعية ليس من المطلوب أن نكون بعد رمضان مثل رمضان، كان ذلك شهر اجتهاد له وضع وظرف خاص، لكن الانقطاع عن الأعمال لا، ترك الصيام بالكلية لا، ترك القيام بالكلية لا، ترك ختم القرآن بالكلية لا، ترك الدعاء والذكر والصدقة والعمرة لا استمروا على العمل وإن كان أقل مما كان في رمضان، ثم إن الله عز وجل إذا كان العبد مواصلا على عمله لو أصابه عارض لو مرض لو سافر يكتب له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحا مقيما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى