مقال

الدكروري يكتب عن الوفاء بالعهد والميثاق ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الوفاء بالعهد والميثاق ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الوفاء بالعهد والميثاق، أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم أي يدافع عنهم، وألا يكلفوا فوق طاقتهم، أي ما يستطيعون دفعه من الجزية” رواه البخاري، وإن من صور من وفاء الصحابة الكرام هو وفاء أبو بكر الصديق، فعن أبي جحيفة، قال “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب، وكان الحسن بن علي يشبهه، وأمر لنا بثلاثة عشر قلوصا أي بعيرا، فذهبنا نقبضها فأتانا موته، فلم يعطونا شيئا، فلما قام أبو بكر قال مَن كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة، فليجئ، فقمت إليه فأخبرته، فأمر لنا بها” رواه الترمذى، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي “لو قد جاءنا مال البحرين، قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا” فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء مال البحرين.

 

قال أبو بكر، من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة، فليأتني، فأتيته، فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان قال لي “لو قد جاءنا مال البحرين، لأعطيتك هكذا وهكذا وهكذا” فقال لي احثه، فحثوت حثية، فقال لي عُدّها، فعددتها فإذا هي خمسمائة، فأعطاني ألفا وخمسمائة” رواه البخاري، وإن من صور الوفاء أيضا هو وفاء عبدالله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، فعن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه إذا ملّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مر به أعرابي، فقال ألست ابن فلان بن فلان؟ قال بلى، فأعطاه الحمار، وقال اركب هذا، والعمامة، قال اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه غفر الله لك، أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروّح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك.

 

فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي، وإن أباه كان صديقا لعمر” رواه مسلم، وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قال قدمت المدينة، فأتاني عبدالله بن عمر، فقال أتدري لم أتيتك؟ قال قلت لا، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من أحب أن يصل أباه في قبره، فليصل إخوان أبيه بعده” وإنه كان بين أبي عُمر وبين أبيك إخاء وود، فأحببت أن أصل ذاك” وقال هارون بن رئاب لما حضرت عبدالله بن عمرو بن العاص الوفاة رضي الله عنه قال إنه كان خطب إليّ ابنتي رجل من قريش، وقد كان مني إليه شبيه بالوعد، فوالله لا ألقى الله بثلث النفاق، اشهدوا أني قد زوجتها إياه” ولما سار عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر، نزل على مدينة بلبيس، ففتحها الله تعالى على المسلمين.

 

وأسر من القبط خلق كثير، وكان في الأسرى أرمانوسة ابنة المقوقس عظيم القبط،كان المقوقس زوّج ابنته أرمانوسة من قسطنطين بن هرقل، وجهّزها بأموالها وجواريها وغلمانها لتسير إليه، فخرجت أرمانوسة إلى زوجها في مدينة قيسارية بفلسطين، وفي أثناء الطريق وصلت إلى مدينة بلبيس، فوقعت في الأسر هي ومن معها، فقال عمرو بن العاص لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سبحانه وتعالى قد قال ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” وهذا الملك قد علمتم أنه كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث هدية، ونحن أحق بمن كافأ عن نبيه صلى الله عليه وسلم هديته، وكان يقبل الهدية ويشكر عليها، وقد رأيت أن ننفذ إلى المقوقس ابنته وما أخذنا معها، ونحن نتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستصوبوا رأيه، فبعث بها مكرمة مع جميع ما معها مع قيس بن سعد رضي الله عنه.

 

فسُرّ المقوقس بقدوم ابنته” وقد قال أبو حاتم الرازي رحمه الله، لا خير في الصدق إلا مع الوفاء، كما لا خير في الفقه إلا مع الورع، وقال أبو طالب المكي الاستقامة على التوبة، من الوفاء بالعهد، وتعدي الحدود من نقض الميثاق وقلة الصدق، وقال الفضل بن سهل لرجل سأله حاجة أعدك اليوم، وأحبوك غدا بالإنجاز لتذوق حلاوة الأمل، وأتزين بثبوت الوفاء، وكان النعمان بن المنذر قد جعل له يومين يوم بؤس، مَن صادفه فيه قتله، ويوم نعيم من لقيه فيه أحسن إليه وأغناه، وكان رجل من قبيلة طيئ قد خرج ليأتي بطعام لأولاده الصغار، فبينما هو كذلك إذ صادفه النعمان في يوم بؤسه، فلما رآه الطائي علم أنه مقتول، فقال حيّا الله الملك، إن لي صبية صغارا وأهلا جياعا، وقد أرقت ماء وجهي في حصول شيء لهم، وقد أقدمني سوء الحظ على الملك في هذا اليوم العبوس، وقد قربت من مقر الصبية والأهل، وهم على شفا تلف من الجوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى