مقال

ماذا بقي للشعب الفلسطيني ؟

جريدة الأضواء

ماذا بقي للشعب الفلسطيني ؟

 

 

الناس جدران متحركة. البلاد كانت موعودة. أضحت موؤودة. اختصر الكلام. لا لغة تعبر عن الموت الناشط… إنسَ. نحن أموات نحث الخطى نحو اللاشيء… إنسَ.

 

الماضي انتهى. الحاضر انتحر. المستقبل سراب. إياك والتنبؤ. استعن بالصمت. النسيان شفاء. فانسَ.

 

كان يا ما كان، وطن يُدعى فلسطين . كان يجب أن يولد. ولد، ولكن ارحامه المتعددة، صادرته وادعت أبوته. الأحزاب تعيش على الغزو. الله هاجرهم كلهم. قال: لا شفاء لهم. اغلق الابواب ونصحنا بأن ننسى.

 

فلسطين الوعد، انوأدت. أخذوها قطعة قطعة. تقاسموها وعلى جلدها اقترعوا. خطفوها، وراحوا يبحثون عنها عندنا. نحن لاجئون كنا. المواطنة مستحيلة… هذا ليس بوطن…إنسَ.

حدث أن غضب الناس. نزلوا الى الشارع. وجدوه خصباً جداً. وعداً بحرية. كانت القبضات شاهرة كلاما جديداً. دب التفاؤل في عروق البلد. ان ولادة جديدة قادمة. هتفت الحناجر. خفقت قلوب. تجرأت الكلمات. سمَّت الاشياء بأسمائها. ضربت مواعيد حاسمة.

 

ولكن… إنسَ.

لوحت الأحزاب بالويل والثبور. ايقظت افاعي الفتنة. احضروا القبضات والآيات وجنازير القمع. أفلتوا حثالاتهم الموبوءة على أنقياء العقول والقلوب.

يا الهي. لقد أجهضوا الأمل قبل ان يطأ الزمن الجميل مكانه… فيما كان الفتية والفتيات والآباء والامهات… حتى الأطفال، يرسمون وطناً تخفق له القلوب، أقدمت جحافل الردة، واطبقت بقبضتها على عنق الأمل… خنقته. مات… إذا، إنسَ.

 

سبات عميق ساد. ما عاد أحد يحلم. حلَّت الكوابيس مكان الأمل. هاجر التفاؤل. مضى إلى حيث لا يرجع. اليوم، باستثناء فجور القادة والأحزاب ، حالة من الموت تعممت. هاجرت الحناجر شوارعها والساحات. بات اليأس حالة واقعية جداً. لا ابتسامة على شفتين، لا علامة رضى على جبهات متغضنة. الاستسلام فضيلة بناءة. التفاؤل عبث مريض… إنسَ.

 

ولكن كل هذا الكلام مردود لدى من يخوض معركة طواحين الهواء. ينتقلون من حركة إلى حركة ومن حزب إلى حزب ومن حليف إلى حليف من أجل مصالحهم الشخصية. إنهم نقيضان ويرضعان من ثدي حزبي واحد. لا هزيمة تنزل بواحد من الاثنين. مكانك قف .

 

إذا ماذا؟

لا شيء. الحلول متعذرة ومستحيلة. لم ينجب الفلسطينيون ولا مرة تسوية من صنعهم. باستثناء الإنقسام البغيض: لا شرق ولا غرب. تسوية لم تنفذ. ستظل فلسطين منقسمة بين شرق حميم وغرب وخيم. انفجر الشارع مراراً. التسوية يصنعها الخارج.

الفلسطينيون في حالة عقم. الأحزاب والحركات التي تدعي تمثيلها للشعب الفلسطيني لا نتنازل… إنسَ.

 

ما زال الوقت باكراً. العرب اداروا ظهرهم لفلسطين . تركوها. هم ليسوا بحاجة اليها. هو يتسوَّل فتاتا منهم. أغدقوا كثيراً. النتيجة “فالصو”. ما عادوا البقرة الحلوب. فليقلع الفلسطينيون اشواكهم بأيديهم. وهذا الامر ليس من اختصاص الحزبيين، لأنهم يروجون الاشواك، وكل الممنوعات اللا أخلاقية… يقولون عنها. كان لديهم وطناً، جعلوه مصيدة… العرب، الخليج، الاصدقاء… إنسَ.

 

العالم لم يعد حائراً. يعرف السياسيين “حلي ونسب”. ولا واحد جدير بالاحترام. يعتبرونهم زبائن وأحيانا زبانية. الغرب حسبها و لا يتبرع. لا يسخو مجاناً. يريد ثمناً سياسياً. ومن هم عندنا اعتادوا على الأخذ، وليس عندهم ما يعطونه… ما يحبذه فريق يخونه خصم. لم يلتئم الشعب مرة. جاءته “مساعدات” مشروطة، استطاعت الطغمة أن تأكل الطعم وتعملها على الصنارة. قيادات مكحكحة. مزمنة. مؤبدة. متناسلة. مدعية. جريئة، جرأة ال… في شارع أل…

اذا ماذا؟ إنسَ.

 

هل هناك بعد اسوأ؟ طبعاً. لم يعد الموت سراً. الفلسطيني يموت روحياً، ويموت جدياً. المرضى لا يجرأون على عتبة المشافي. ما جناه كبار السن من مال، سرقه قراصنة المصارف وزعران السياسة ولصوص الحركات والأحزاب … لا دواء للشفاء، إلا للأغنياء .

 

يا أولاد الأفاعي. أيها المجرمون السفة. شعب فلسطين كان يتطلع إلى الافق بجبهة عالية. لقد دستم بنعالكم على أحلامه. حولتم جباههم إلى نعل أحذيتكم… لن نجد أجرأ منكم على الارتكاب، في وضح النهار، وتغسلون ايديكم من الزنى السياسي، بالمياه والاموال القذرة.

لا شتائم تناسبكم. لأنكم الشتيمة المقيمة.

 

ماذا بعد؟

 

لا شيء ابداً… إذا، كل عام وأنتم لستم بخير.

 

ماذا بعد؟

وليكن يا أبناء شعبي النسيان صراطكم إلى النهاية. لا راحة لفلسطيني غير مسؤول وحزبي، الا بملاقاة وجه نهايته. حيث لا رب يسأله ويحاسبه.

يلا … إنسَ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى