مقال

الدكروري يكتب عن الوطن هو الأمن والأمان ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الوطن هو الأمن والأمان ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

فالانتماء هو كلمة معناها عظيم، وهذا الانتماء علي عدة أضرب منها الانتماء للدين والانتماء للوطن و للأسرة والأهل و للأرض، فإن الدين من أولويات الأمور وأهمها، ولابد أن نعرف ما هو تفسيرنا للانتماء إلى دين معين ؟هل هو مجرد تصنيف يكتب في البطاقة أو في شهادة الميلاد ؟ أم هل هو فقط لتحديد مواعيد أعيادنا ؟ أم هل هذا هو الانتماء الديني أم إن هذا الانتماء يفرض علينا واجبات كثيرة ؟ إلا يفرض علينا أن نكون سفراء لديننا، بأن نتعلمه، وأن نعرف واجباتنا والفروض، وأن نتبعه، وأن ننشره، وأن نحافظ عليه أم هل كل من تباهى بانتمائه هو بالفعل منتمى، أم إن هناك ما يفرضه علينا ذلك الانتماء، أين نحن الآن من الانتماء إلى ديننا، و ما هو مفهوم هذا الانتماء؟ فقال الله تعالى فى سوة الأنعام ” قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ” وإذا كنا نعتقد أن الله سبحانه وتعالى الإله الواحد المستحق للعبادة.

فهو سبحانه خالقنا وخالق كل شئ، قد ارتضى لنا الإسلام خاتم الديانات دينا ومحمدا نبيا ورسولا، فإنه يعني هو الدين حتى تقوم الساعة، وبما أنه موحى به من الخالق، فلا يستقيم أن نقول أن هناك أمور طرأت تستلزم ترك النصوص جانبا، فالدين الإسلامي بتعاليمه السمحة صالح لكل زمان ومكانن وقد تعجب كل العجب عندما تتحدث مع بعض الناس عن زمن الصحابة يسارع في الرد عليك قائلا ليس زمانه يا شيخ وهو لايعلم أن الدين والشرع صالح لكل زمان ومكان، فالانتماء للدين قبل كل شيء فمن لم ينتمي لدينه ومن هو جاحد لدينه فلن يتعلم الانتماء للوطن وحب الوطن، وإن من أجل ذلك تحمل الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين الأوائل الصعاب والمشاق في سبيل نشر الدين الإسلامي وتعرضوا لأشد أنواع العذاب والتنكيل، حتى أن المسلم كان يأتي لرسول الله صلي الله عليه وسلم.

يشكو قسوة التعذيب، كما روي أن خبابا يقول أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد ببردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت ألا تدعوا الله ؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال صلى الله عليه وسلم” قد كان من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله عز وجل” وفى روايه زاد على ذلك ” والذئب على غنمه ” ولكنكم تستعجلون ” رواه البخارى، ولو نظرنا إلى تاريخنا لرأينا الكثير من الأبطال والمجاهدين الذين سقوا أرضهم بدمائهم، للدفاع عنها، وتحريرها من الاستعمار، فكل هذا نابع من حب الوطن والتضحية من أجله بالدماء والأرواح، فلا يمكن التهاون مع من يسرق الأوطان ويستعمرها.

وليس علينا أن نخاف إذا قمنا بإنشاء جيل يضحي بكل ما يملك من أجل الوطن، فهو تاريخنا، وحاضرنا، ومستقبلنا الذي سيصنع أمجادنا، ويسطرها على مر الزمان تعبيرا عن حب الوطن، فإن حب الوطن، والالتصاق به، والإحساس بالانتماء إليه، هو شعور فطري غريزي، يعم الكائنات الحية، ويستوي فيه الإنسان والحيوان، فكما أن الإنسان يحب وطنه، ويألف العيش فيه، ويحن إليه متى بعد عنه، ولأن حب الإنسان لوطنه فطرة مزروعة فيه، فإنه ليس من الضروري أن يكون الوطن جنة مفعمة بالجمال الطبيعي، تتشابك فيها الأشجار، وتمتد على أرضها المساحات الخضراء، وتتفجر في جنباتها ينابيع الماء، لكي يحبه أبناؤه ويتشبثوا به، فقد يكون الوطن جافا، أرضه جرداء، ومناخه قاس، لكن الوطن رغم كل هذا، يظل في عيون أبنائه حبيبا، وعزيزا، وغاليا، مهما قسا ومهما ساء، ولكن هل الوطن يعرف حقيقة حب أبنائه له؟

ولكن هل الوطن يعرف حقا أنه حبيب، وعزيز، وغالى على أهله؟ فإن الحب لأي أحد أو أي شيء لا يكفي فيه أن يكون مكنونا داخل الصدر، ولابد من الإفصاح عنه، ليس بالعبارات وحدها وإنما بالفعل، وذلك كي يعرف المحبوب مكانته ومقدار الحب المكنون له، والوطن لا يختلف في هذا، فهو يحتاج إلى سلوك عملي من أبنائه، يبرهن به الأبناء على حبهم له، وتشبثهم به، وقد قال الشاعر في حب الوطن بدم الأحرار سأرويه وبماضي العزم سأبنيه وأشيده وطنا نضرا وأقدمه لابني حُرّا فيصون حماه ويفديه بعزيمة ليث هجّام، ومن واجب الدولة أيضا أن تحافظ على الوطن وتحميه، وأن تعد له الجيل القوي المتين، عن طريق إعداد الشباب، وتدريبهم، وتعليمهم فهم الحامى الأول والراعي له، وبالإضافة إلى ذلك فإن للوطن حقوقا على الآباء والأمهات حيث يتوجب عليهم أن يعلموا أبناءهم حب الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى