مقال

الدكروري يكتب عن حكيم العرب أكثم بن صيفي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن حكيم العرب أكثم بن صيفي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

أكثم بن صيفي بن رباح الأسيدي العمروي التميمي، وهو أكثم بن صيفي بن رباح بن الحارث بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم وكان يكنى أبا حفادة، وهو أشهر حكام العرب في الجاهلية على الإطلاق واحد المعمرين فيها وكان يلقب حكيم العرب وكان أكثم سيد من سادات العرب شريفا حكيما وفارس شجاعا، ومستشارا خبيرا، أشار على قومه بني تميم في يوم الكلاب الثاني فأنتصروا نصر كبيرا على مذحج وحلفائها من أهل اليمن وشارك في الغارت والمعارك والأيام مع قومه وخرج في وفد بني تميم والعرب إلى ملوك فارس وكان كل العرب تتقاضى عند أكثم بن صيفي ولاترد حكمه لشرفه ونزاهته وحكمته وأكثم كان كاتب خطيب وكانت الملوك تكاتبه وتبادل معهم الرسائل التي تحمل في سطورها الحكمة والنصيحة ومن هؤلاء ملك هجر، وملك نجران، وكسرى وغيرهم من الملوك.

 

كما أشترك في وفد العرب إلى كسرى عندما أستنقص الفرس من شأن العرب فخطب أمام كسرى وأبهره بفصحاته وحكمته وقد عاش هذا الرجل ونشأ بين أفراد قبيلته وولد في قبيلة بني أسيد وهي أحد قبائل بني تميم التي أشتهرت بالحكمة والشرف وتعد قبيلة تميم من أكبر وأشهر قبائل العرب في الجاهلية وأشدها بأس وقوة وأمتازت بمكانة عالية لدى القبائل العربية الأخرى لكثرة عدد أفرادها حتى أمتلأت منهم البلاد وهي قبيلة مضرية أنتشرت في مناطق واسعة وكبيرة وعندما بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان في ذلك الوقت شيخا كبيرا أرسل إلى مكة وفد من قومه فيهم أبنه ورجلان من تميم ليأتوه بخبر النبي الجديد فلما عادو بخبر أثلج صدر أكثم بن صيفي جمع قومه وخطب فيهم يحثهم على اتباع النبي الجديد فخرج قاصد مكة وتبعه مائة من قومه، فلما كان في الطريق قبل مكة جهد أكثم من شدة العطش ونفاد الماء.

 

وأشهد قومه أنه أسلم وأوصاهم بإتباع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ثم توفي فأنزل الله تعالى ” ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلي الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره علي الله وكان الله غفورا رحيما” وإن من قصائد وشعر أكثم بن صيفي تدل على بقائه وطول عمره طويلا فهو القائل، وإن امرا عاش تسعين حجة، إلى مائة لم يسأم العيش جاهل، أتت مائتان غير عشر وفاتها ذلك من مر الليالي قلائل، وأكثم بن صيفي كان يعد أشهر حكام العرب قبل الإسلام ومن رؤساء بني تميم البارزين وصنف أنه حكيم العرب بدون منازع، فإذ أطلع المرء على حكمه التي قالها قبل زمن طويل أقر أنها تنفع في وقتنا الحاضر وتكون مثلا رائع ونهج مستقيما للحياة الصحيحة، وقد كان أكثم من أفصح لعرب لسانا، وأعلم نسبأ، وأكثرهم ضربا للأمثال والحكم.

 

كما وصف بالحكيم المشهور، وأنه من الخطباء البلغاء والحكام الرؤساء، ومن بعض أقواله وحكمه الكثيرة، والأمثال هي حكمة العرب قبل الإسلام وفي الإسلام، و بها كانت تعرض كلامها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق ويستدل استخدام القران الكريم للأمثال في خطابة الناس ومحاجة المشركين كما قال تعالى ” وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون” وأكثم بن صيفي هو أحد أشهر الحكماء العرب في ذكر الأمثال، وهي تبين حكمته وفطنته وعقله، التي نالت إعجاب غير العرب، حيث قال له كسرى لو لم يكن للعرب غيرك لكفى، ولقد قلل الفرس من شان العرب فبعث العرب وفد منهم على راسهم أكثم بن صيفي التميمي وهو أول من تكلم منهم فقال أمام كسرى ملك الفرس إن أفضل الأشياء أعاليها وأفضل الملوك أعمها نفعا، وخير الأزمنة أخصبها، وأفضل الخطباء أصدقها.

 

والصدقة منجاة، والكذب مهواة، والشر مركب وطيء، والعجز مفتاح الفقر، وخير الأمور الصبر، وإصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي، ومن فسدة بطانته كان كالغص بالماء، وشر البلاد لا أمير لها، وشر الملوك من خافه البرى، وخير الأعوان من يعمل بالنصيحة، والصمت حكم وقليل فأعله فتعجب كسرى منه وقال له ويحك يا أكثم ما أحكمك وأوثق كلامك، لو لم يكن للعرب غيرك لكفى وهكذا كان أكثم من الخطباء البلغاء الفصحاء ليس في قومه فقط، بل عند جميع العرب، وعند غيرهم من الأمم، ولعل من أهم محطات حكيم العرب الأول يوم خروجه في وفد بني تميم والعرب إلى ملوك فارس وكان كل العرب تتقاضى عند أكثم بن صيفي ولاترد حكمه لشرفه ونزاهته وحكمته فضلا عن كونه كاتب خطيب كانت الملوك تكاتبه وتبادل معهم الرسائل التي تحمل في سطورها الحكمة والنصيحة.

 

وقد عاش هذا الرجل ونشأ بين أفراد قبيلته وولد في قبيلة بني أسيد أحد قبائل بني تميم التي أشتهرت بالحكمة والشرف، وتعود قصة تشكيل وفد القبائل العربية الي كسري الي مداومة الفرس من شان العرب وهنا قررت القبائل إرسال الوفد الي كسري للشكوي من هذا النهج وعلي راسهم أكثم بن صيفي التميمي وهو أول من تكلم منهم، وهكذا كان أكثم من الخطباء البلغاء الفصحاء ليس في قومه فقط، بل عند جميع العرب، وعند غيرهم من الأمم، ورغم أن حكيم العرب لم يشرف برؤية أو بمقابلة النبي الكريم صلي الله عليه وسلم بعد البعثة النبوية الشريفة بحسب أرجح الروايات ولكنه التقي برسول الله صلي الله عليه وسلم بصحبه عمه أبو طالب في صحن الكعبة وكان الرسول صلي الله عليه وسلم عمره أربعة عشر عاما حيث كان أبو طالب يطوف بالبيت ومعه النبي صلي الله عليه وسلم وهنا، رأه أكثم بن صيفي.

 

فقال موجها حديثه لعم الرسول صلي الله عليه وسلم ما أسرع ما شب أخوك يا أبى طالب فقال أنه ليس أخي بل إبن أخي عبد الله، وهنا اسقط في يد حكيم العرب فعاد للقول إبن الذبيح فقال أبو طالب نعم فأخذ أكثم يتأمله ثم قال ما تقولون فى فتاكم هذا يا أبى طالب ؟ فقال إنا لنحسن الظن به وإنه لحى جزي، سخى وفى، وبينما عم الرسول أبو طلب يعدد مناقب النبي صلي الله عليه وسلم قاطعه أكثم بن صيفي قائلا أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب ؟ فرد أبو طالب قائلا إنه ذو شدة ولين ومجلسٍ ركين ومفضل مبين وهنا عاود ابن صيفي الكرة قائلا أفغير ذلك يا ابن عبد المطلب ؟ قال إنا لنتيمن بمشهده ونلتمس البركة فيما لمس بيده، ولم يتوقف حكيم العرب أكثم بن صيفي عن طرح الأسئلة قائلا أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب؟ قال إن فتى مثله حرى به أن يسود، ويتحرف بالجود فقال أكثم أما أنا فأقول غير ذلك.

 

فقال أبى طالب قل يا حكيم العرب فإنك نفاث غيب وجلاء ريب، بل وواصل أكثم تعداد مناقب النبي صلي الله عليه وسلم التي غابت عن حديث عمه أبو طالب مستشرفا المستقبل بالقول ما خلق لهذا ابن أخيك إلا أن يضرب العرب قامطة بيد خابطة ورجل لابطه ثم ينعق بهم إلى مرتع مريع وورد تشريع فمن إخرورط إليه هداه ومن إخرورق عنه ارداه، وإلي هنا انتهي الحوار بين حكيم العرب ابن صيفي وعم النبي صلي الله عليه وسلم ومعه انتهت مناسكه في بيت الله الحرام وعاد الي مضارب قومه بني تميم وفور عودته قص عليهم ما رأى فى مكة ولقائه برسول الله صلي الله عليه وسلم وهو في الرابعة عشر من عمره وقال والله إنه لنبي، فإن خرج وأنا فيكم فإنى ناصره وإن خرج بعد وفاتي فعليكم اتباعه والمثول لأمره، غير أن القدر لم يمهل حكيم العرب اكثم بن صيفي لمقابلة النبي صلي الله عليه وسلم.

 

فمن أن بعث النبى صلي الله عليه وسلم حتى خرج إليه أكثم مع اولاده ، وقد كان فى ذلك الحين طاعنا فى السن ، فوافته المنية وهم فى الطريق ، فقال لهم دعوني وانصرفوا ، فالحقوا برسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال أحدهم نظل معك حتى ندفنك ونسير اليه قال لا، ابلغوا رسول الله صلي الله عليه وسلم مني السلام ودعوا جسدي للطير أو للدود، فإنهما يستويان، وما أن وصل ابناء اكثم بن صيفي ورموز قبيلته إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، بادرهم صلي الله عليه وسلم وقال الآن دفن أباكم، ثم نزلت فيه أية ” ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلي الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره علي الله وكان الله غفورا رحيما” وتوفي أكثم بن صيفي في السنة التاسعة من الهجرة، الموافق عام ستمائة وثلاثين من الميلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى