مقال

الدكروري يكتب عن الكيساني ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الكيساني ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الكيسانية هي فرقة شيعية منقرضة، كان يدعو أتباعها إلى إمامة محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية بعد مقتل أخيه الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد جرت تسميتهم بالكيسانية نسبة إلى كيسان مولى الخليفة علي بن أبي طالب، حيث يعتقدون أنه اقتبس من علي ومن ابنه محمد الأسرار كلها من علم الباطن وعلم التأويل وعلم الآفاق والأنفس، وقد اختلف في كيسان هذا فزعم بعض أهل العلم أنه كان مولی لعلي بن أبي طالب، وقيل بل كان تلميذا لمحمد بن الحنفية وقيل بل هو المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب، وقد كان يُلقب بكيسان وهذا هو الأقرب، إذ أن المختار هذا هو أول من دعا إلى إمامة محمد بن الحنفية، وهو حري بلقب كيسان فإن كيسان في اللغة العربية اسم للغدر، أما محمد بن الحنفية الذي اختصت الكيسانية بالدعوة إلى إمامته فهو محمد بن علي بن أبي طالب، وأمه خولة، وقيل هي بنت إياس الحنفية.

 

وقيل بنت جعفر بن قيس بن سلمة من بني حنيفة، وقد كانت من سبي اليمامة في حروب الردة وصارت إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل بل هي أمة أي جارية سندية سوداء كانت لبني حنيفة فنسبت إليهم، وقد ولد محمد بن الحنفية في السنة السادسة عشر من الهجرة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد كان عالما فاضلا شجاعا حمل راية أبيه يوم الجمل وعمره إذ ذاك إحدى وعشرون سنة، وقد رجع بعد قتل أبيه رضي الله عنهما إلى المدينة المنورة وأقام بها، ثم انتقل إلى مكة، ثم إلى مني في عهد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، ثم إلى الطائف، ثم قصد عبد الملك بن مروان بالشام، وقد توفي بالمدينة المنورة سنة إحدى وثمانين، وصلى عليه أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه بإذن من ابنه أبي هاشم، وقيل بل مات بالطائف، وقيل بل مات بأيله من فلسطين، وبعض الكيسانية يزعم أنه لم يمت وأنه لا يزال حيا بجبل رضوی.

 

عنده عينان نضاختان، إحداهما تفيض بالعسل، والأخرى تفيض بالماء، وعن يمينه أسد، وعن يساره نمر يحرسانه، وأن الملائكة تراجعه الكلام، وأنه المهدي المنتظر، وأنه لا يزال محبوسا بجبل رضوى حتى يُؤذن له بالخروج فيملأ الأرض عدلا كما مُلئت جورا، وقد اختلف هؤلاء في سبب حبسه فمنهم من قال هذا سر لله لا يعلمه إلا هو ومنهم من قال بل عاقبه الله تعالى بالحبس لخروجه بعد قتل الحسين رضي الله عنه إلى يزيد بن معاوية وطلبه الأمان منه، وأخذه عطاءه، ثم الخروج من مكة قاصدا عبد الملك بن مروان هاربا من ابن الزبير، وقال هؤلاء كان يجب عليه أن يقاتل ابن الزبير ولا يهرب منه، كما أنه ما كان له أن يقصد عبد الملك بن مروان، فلما فعل ذلك عُوقب بالحبس، هذا وقد صارت الكيسانية فرقا، أهمها المختارية، والكربية، والهاشمية، والبيانية، والحربية، وهكذا فإن الكيسانية منسوبة إلى كيسان وقد اختلفوا في المسمى به إلى أقوال.

 

فمن قائل إنه اسم محمد ابن الحنفية، إلى آخرإنه اسم مولى لعلي، إلى ثالث إنه اسم نفس المختار بن أبي عبيدة الثقفي، إلى رابع إنه اسم صاحب شرطته المكنى بأبي عمرة وكان اسمه كيسان، وتوجد روايتان الأولى تقول: كانت بدايات هذا المذهب على يد رجل اسمه الكيسان، والرواية الثانية كانت بدايات هذا المذهب على المختار بن أبي عبيد الذي توجه إلى العراق سنة أربع وستين من الهجرة، وذلك بعد موت يزيد بن معاوية داعيا لمحمد بن الحنفية ومدعيا أنه من دعاته، وأخذ يذكر علوما يزخرفها بأسجاع كسجع الكهان ويعزوها إليه، وقد صحب معه كيسانا وجعله على شرطته وتتبع قتلة الحسين وقتل من ظفر به وتعرف الكيسانية أيضا بالمختارية نسبة إلى المختار بن أبي عبيد الثقفي، وقالت الكيسانية إن محمد بن الحنفية هو المهدي، وأنه هو وصيّ علي بن أبي طالب ليس لأحد من أهل بيته أن يخالفه ولا يخرج عن إمامته ولا يُشهّر سيفه إلا بإذنه.

 

وإنما خرج الحسن بن علي إلى معاوية محاربا له بإذن محمد وأودعه وصالحه بإذنه، وأن الحسين إنما خرج لقتال يزيد بإذنه، ولو خرجا بغير إذنه هلكا وضلا وأن من خالف محمد ابن الحنفية كافر مشرك وأن محمد استعمل المختار بن أبي عبيدة على العراقيين بعد قتل الحسين وأمره بالطلب بدم الحسين وثأره وقتل قاتليه وطلبهم حيث كانوا، وسمّاه كيسان لكيسه ولما عرف من قيامه ومذهبه فيهم فهم يسمّون المختارية ويدعون الكيسانية، ويروي الشهرستاني أن محمد بن الحنيفة تبرأ من المختار حين وصل إلى علمه أنه ادعى أنه من دعاته وبعد موت ابن الحنفية قال أتباع هذا المذهب إن محمد بن الحنفية يقيم في جبل رضوى من جبال تهامة بين أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان تجريان بعسل وماء، وأنه يعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وهذا أول حكم بعودة الإمام بعد غيبته عند الشيعة، وسمّوا بعد ذلك بالكيسانية وأحيانا بالمختارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى