مقال

الدكروري يكتب عن صور ومخاطر الفساد “جزء 6”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن صور ومخاطر الفساد “جزء 6”

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

وقد مدح الله تعالى من يأمر الناس بالمعروف وينهى عن المنكر، لأنهم يسعون في الأرض بالإصلاح، وكذلك من مظاهر الفساد هو السحر، فالسحر سمى الله عز وجل، فاعله مفسدا فقال الله تعالى فى سورة يونس ” فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ” وسمى الله عمل السحرة والسحر بأنه عمل المفسدين، فهم من المفسدين في الأرض، وكذلك من مظاهر الفساد فى الأرض هو قتل النفس التي حرم الله ، فإن من أعظم الحرمات الاعتداء على حرمة المؤمن، فإنه حرمته من أعظم الحرمات، وهي أعظم من حرمة البيت الحرام، فيقول ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه وهو ينظر إلى الكعبة ” ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك ” فإن قتل الأنفس المعصومة من كبائر الذنوب.

 

ومن الإفساد الكبير في الأرض، ومن عظم منزلة المؤمن أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال” ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به فى الدنيا والآخره، أقرؤوا إن شئتم ” النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ” كما جاء فى سورة الأحزاب، فأيما مؤمن ترك ملا فليرثه عصبة من كانوا، فإن ترك دينار، أو صياعا فليأتنى فأنا مولاه ” وإن زوال الدنيا وما فيها أهون عند الله عز وجل من قتل رجل مسلم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لزول الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ” وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن مجرد ترويع المسلم لا يحل فقال صلى الله عليه وسلم “لا يحل لمسلم أن يروع مسلما”

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لن يزال المؤمن فى فسحة من دينة ما لم يصب دما حراما ” رواه البخارى، وليس فقط الاعتداء على المسلم أو على النفس المعصومة، بل حمل السلاح عليها وترويعها وإخافة الآمنين، فكل هذا من الإفساد في الأرض فيقول صلى الله عليه وسلم ” من حمل علينا السلاح فليس منا ” رواه البخاري ومسلم، فهذه الأحاديث والأقوال تبين خطر الاعتداء على دماء المسلمين، بل إن أول ما يحكم بين الناس يوم القيامة في الدماء، كما ثبت ذلك عند البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء ” فإن من صور الإفساد في الأرض ليس قتل نفس المؤمن المسلم.

 

بل أيضا يشمل ذلك المعاهد، والمستأمن، فإن الله عز وجل قد حفظ له حقه، فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليؤخذ من مسيرة أربعين عاما ” ولقد بيَّن الله عز وجل لنا أن من اعتدى على أموال الناس، وأعراضهم، ودينهم، أنه مفسد في الأرض، فما جزاء هذا الذي يفسد ويعتدي؟ فقد بََّين الله جل وعلا الجزاء في كتابه فقال تعالى ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يفتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، وهذا جزاء من أفسد في الأرض التي أمر الله تعالى بإعمارها بطاعته عز وجل، والانشغال بذكره سبحانه وتعالى.

 

وقد صرح جمع من أهل العلم أنه بمجرد قطع الطريق، أو إخافة السبيل فهنا ترتكب الكبيرة، فكيف إذا أخذ المال، أو جرح، أو قَتَل، أو فعل كبيرة؟ فكل هذا لا يجوز، وإن من مظاهر الفساد هو زعزعة الأمن، فإن الأمن في الأوطان مطلب كل يريده وكل يطلبه، فإنه أول مطلب طلبه نبى الله إبراهيم عليه السلام من ربه فقال عز وجل، فقال تعالى في كتابه الكريم فى سورة إبراهيم ” وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام ” ثم قال تعالى في الآية الثانية فى سورة ألبقرة ” وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد امنا وارزق اهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر” فأول طلب طلبه نبى الله إبراهيم عليه السلام لتحقيق العبادة أن يكون هناك أمن، ثم كرر الطلب في الآية الثانية، فقريش قد أنعم الله عليها بنعمة الأمن، فأطعمها من جوع وآمنهما من خوف، هذه الآيات تبين وجوب الاهتمام بهذا الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى