مقال

الدكروري يكتب الحكمة من شرعية النكاح ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب الحكمة من شرعية النكاح ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ويحصل هذا إما بطريق رسمي في بيت أبيها بوجود محرم لها، أو بطريق غير رسمي كحال الزملاء في العمل أو الجامعة فيكوّن كل منها فكرة عن شريكه بطريق غير مباشر، ولا مانع من ذلك شرعا، وإنما المحرم هو الخلوة بينهما أو الخضوع بالقول أوالتطرق لما يخل بالآداب، واللقاء مهم في اتفاقهما، فهو معتبر لإتمام العقد، حيث يقول تعالي في سورة البقرة ” فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف” والنهي عن العضل في الأية متوجه للأولياء وللأزواج السابقين، فلا يصح للزوج السابق أن يقف بطريق زواجها من غيره بسبب غيرته أو كيده بها، كما لا يصح لأوليائها منعها من الزواج ممن رضيت به إن لم يكن به ما يعيب، وفي الآية أرجع الله تعالى التراضي إلى الخاطبين وعبّر عنهما بالزوجين باعتبار ما سيكون ، والتراضي يحصل بما يراه كل منهما مناسبا في صاحبه، من حيث المظهر والمخبر وغير ذلك.

 

وكل ذلك منضبط بقوله تعالى “بالمعروف” والمعروف ما عرف بالشرع أو بالطبع حسنه وما تصالح عليه أهل الزمان بما يوافق الشرع ولا يخالفه، إذ ليس للعادة المخالفة للشرع أي اعتبار، وأما معرفة الأفكار والثقافة والأخلاق، فأفضل ما يكون بسؤال أهل الثقة والخبرة، فتعرف الفتاة بسؤال من يعرفونها عن قرب، كما تعرف بأمها وأخواتها غالبا، وكذلك الرجل فيُعرف بسؤال معارفه الثقات وجيرانه فهم أدرى الناس به، وقد يتعذر على الخاطبين معرفة ذلك بنفسيهما لما يتحلى به كل منهما من شمائل حسنة عند اللقاء، كما أن طول فترة الخطبة وما يتبعه من لقاءت متكررة بحجة التعارف قد يسيء إلى الخاطبين وإلى الفتاة خاصة، وخصوصا في مجتمعات لا يرغب الرجال في الزواج ممن كانت مخطوبة لشخص آخر وعرف ذلك عنهما، لذلك لا بد من مراعاة كل ذلك، وإن من الأخلاق السيئة التي ابتلي بها المجتمع.

 

هو حصول العنوسة في النساء كثيرا، أوزهُد بعض الشباب عن الزواج، فالعنوسة في النسوة أو زهد الشباب في الزواج مشكلة خطيرة واجب المسلمين علاجها بالطرق المشروعة، لأن المجتمع المسلم وحدة متكاملة، لا بد أن يعين بعضه بعضا، والمؤمنون كما قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعض بعضا وشبك بين أصابعه” وقال “مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى من عضو تدعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” فالمشاكل الاجتماعية حلها بتوفيق من الله بتعاون الكل على قدر كل من استطاعته، فهذا هو السبيل لذلك، وإذا تأمل المسلم هذه العنوسة، وسمع تلك التقارير التي تعلن عن كثرة العنوسة مع غض النظر عن هذه التقارير هل هي صحيحة كاملة أو مبالغ فيها المهم أنها منذر شر وبلاء ومصيبة، وإذا نظر المسلم إلى أسباب تلك العنوسة.

 

ربما يتوسل إلا أن وسائلها هو امتناع بعض الفتيات عن الزواج، بأي سبب بدعوى إكمال مراحل التعليم كلها من أولها إلى آخرها، فتظن بعض الفتيات أن زواجها يعيقها عن التعليم، ويحول بينها وبين مراحل التعليم العليا، وهذا تصور خاطئ، فإن زواجها لن يكون عائقا عن دراستها، ولا حائلا بينها وبين التحصيل العلمي، بل قد يكون سببا في إقبالها وتحصيلها لو كانت تعقل، لكن للآسف الشديد قد تصغي أذان الأمهات أو الآباء أو الأخوان إلى هذا الرأي فيزهدون لها الزواج، ويقولون أكمل الدراسة ولو مضى ثلاثة عقود من عمرك أو أكثر فهذا كله من الخطأ، الذي ينبغي للأخوات أن ينتبهنا لذلك، وإن من أسباب العنوسة وللآسف الشديد هو تطور النفقات الزوجية والمبالغات إمّا في المهور تارة، وإمّا في الولائم والالتزامات التي شقيا بها الكثير، إن غلاء المهور، وتكاليف الزواج عموما قضية وللآسف الشديد، قضية واقعية.

 

لكننا لم نقدم حلول لها، ولم نسعى في تخفيفها، وكل مسئول عنها من صغير وكبير، لكن من يقتدى به، ويتأسى به، يجب أن يكون موقف مشرف في هذه الأمور لأن هذه التكاليف قد تحول بين كثير من شبابنا وبين الإقدام على الزواج، لا سيما إذا قل الصبر وضعف الإيمان، وعظمة المغريات، فقد يشتغل بالمغريات والملهيات تصده عن هذا الواجب العظيم، بالانغماس بالملذات والشهوات المحرمة، فلا بد للأمة في النظر في هذه القضية نظرة عدل وإنصاف من غير مُبالغة، الإسلام دعا إلى الزواج، وإعلانه، ورغب فيه، وحث على الوليمة، وقال” أولم و لو بشاة”، كل هذا بحق وعدل، لكن يجب أن يكون بالوسط الذي ينبغي يستطيع الغالب أن يتخطاه، فهي قضيةٌ شائكة لا يحلها بتوفيق الله إلا جُهود ذوي التقى والخير والنوايا الصالحة، فاتقوا الله، فكم فسددت من بنات؟ بسبب تأخير زواجهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى