مقال

الدكروري يكتب الإمام أبو المحاسن الحسيني الدمشقي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب الإمام أبو المحاسن الحسيني الدمشقي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام أبو المحاسن الحسيني الدمشقي، هو السيد الشريف الحافظ الناقد ذو التصانيف شمس الدين أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن محمد بن محمد بن ناصر بن علي بن الحسين بن إسماعيل بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني الدمشقي الشافعي، وقال الحافظ ابن حجر وهكذا ساق الذهبي نسبه في كتاب المعجم المختص ولكن سقط من بين علي وحمزة الحسن، وكذا يوجد بخط الحسيني نفسه، ولا أشك أنه سقط من نسبه عدة آباء في أثنائه والله أعلم، ولعل ذلك منه باعتبار ثلاث أنفس لكل مائة سنة، وقال البرهان البقاعي سمعت ابن حجر ينقل قاعدة عن ابن خلدون، وهي أنا إذا شككنا في نسب حسبنا كم بين من في أوله ومن في آخره من السنين، وجعلنا لكل مائة سنة ثلاث أنفس فإنها مطردة ويحكي عن ابن حجر أنه قال.

 

ولقد اعتبرنا بها أنساب كثير ممن أنسابهم معروفة فصحت، وأنساب كثير ممن يتكلم في أنسابهم فانخرمت، على ما جاء في نظم العقيان للسيوطي، وولد الإمام أبو المحاسن الحسيني الدمشقي بدمشق في شعبان سنة سبعمائة وخمسة عشر من الهجرة، وسمع من جماعة من الأعيان منهم محمد بن أبي بكر بن عبد الدائم، ومحمد وزينب ولدا إسماعيل بن إبراهيم الخباز، وأبو محمد بن أبي التائب، والمسند المعمر إبراهم بن محمد الواني الخلاطي، وأبو الحجاج المزي، والذهبي، والبرزالي، والصلاح العلائي، وابن المظفر، وأبو الحسن السبكي، والعز بن جماعة، وابن أبيك، وعدة من أصحاب ابن عبد الدائم وغيره منهم أبو الفتح الميدومي، وأحمد بن على الجزري، وزينب بنت الكمال، وخلائق يجمعهم معجمه الذي خرجه لنفسه، وقال الذهبي في المعجم المختص عند ترجمة الحسيني العالم الفقيه المحدث.

 

طلب وكتب وهو في زيادة من التحصيل والتتخريج والإفادة، وقال العراقي لما سئل عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ مغلطاي وابن كثير وابن رافع والحسيني أعرفهم بالشيوخ المعاصرين وبالتخريج الحسيني، وهو أدونهم في الحفظ، وقال ابن ناصر الدين كان إماما حافظا مؤرخا، له قدر كبير، وكان حسن الخلق، رضي النفس، من الثقات الأثبات، وقال أبو الفضل بن فهد كان رضي النفس، حسن الأخلاق، من الثقات الأثبات، إماما مؤرخا حافظا، له قدر كبير، طلب بنفسه فقرأ وبرع وتميز، وحفظ وأفاد، وكتب بخطه الكثير، وخرج وانتقى، وجمع، وقال ابن حجر خطه معروف حلو، وكان سريع الكتابة، قرأت بخطه في آخر كتاب العبر للذهبي أنه نسخه في خمسة أيام، وقال ابن كثير بعد أن ذكر مؤلفاته ولي مشيخة دار الحديث البهائية داخل باب توما، وكان يشهد بالمواريث بدمشق، وله مؤلفات حسنة ما بين مطول ومختصر.

 

منها التذكرة بمعرفة رجال العشرة اختصر فيها تهذيب الكمال لشيخه المزي وحذف منه من ليس في الستة وأضاف إليهم من في الموطأ ومسند أحمد ومسند الشافعي ومسند أبي حنيفة وقال في أولها ذكرت فيها رجال كتب الأئمة الأربعة المقتدى بهم لأن عمدتهم في استدلالهم لمذاهبهم في الغالب على ما رووه بأسانيدهم في مسانيدهم فإن الموطأ لمالك هو مذهبه الذي يدين الله به أتباعه ومقلديه مع أنه لم يرو فيه إلا الصحيح، وكذلك مسند الشافعي موضوع لأدلته على ما صح عنده من مروياته وكذلك مسند أبي حنيفة وأما مسند أحمد فإنه أعم من ذلك كله وأشمل، والتقط منها ابن حجر في تعجيل المنفعة في زوائد رجال الأئمة الأربعة، من لم يخرج له في تهذيب الكمال خاصة، وناقشه بأن اعتماد المالكية على ما يروي به ابن القاسم عن مالك وافق الموطأ أو لم يوافق، وقد جمع ابن حزم فيما خالف فيه المالكية ما ضمنه مالك الموطأ.

 

وأشهر ذلك حديث الرفع عند الركوع والاعتدال، وبأن مسند أبي حنيفة تخريج ابن خسرو إنما يحتوي على بعض أحاديثه وقد جمع قبله الحافظ أبو بكر بن المقري لأبي حنيفة مسندا استوعب فيه أحاديث لكن لم يكثر طرقها وقبله الحافظ أبو محمد الحارثي مسندا واستوعب الطرق في كل حديث مرتبا على مشايخ أبي حنيفة وبأن مسند الشافعي إنما هو رواية الأصم لما سمعه من الأم وفي أحاديثه كثرة في مبسوط المزني وكتاب حرملة، ومنها الامتثال بما في مسند أحمد من الرجال ممن ليس في تهذيب الكمال وكتاب الذرية الطاهرة سماه العرف الذكي في النسب الزكي والاكتفاء في الضعفاء والتعليق على ميزان الاعتدال لشيخه الذهبي بين فيه كثيرا من الأوهام واستدرك عليه عدة أسماء وترتيب أطراق المزي على الألفاظ ومعجم الشيوخ، وذيل العبر للذهبي، ومنها ذيل طبقات الحفاظ، هذا، وقد جرى فيه على طريقة شيخه الذهبي.

 

من ذكر مشاهير شيوخ المترجم وسرد مؤلفاته وإيراد حديث بطريقه موصول السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن كان له من طريقة رواية وإثبات وفيات كبار أهل العلم ومن له شأن في التاريخ من غيرهم ممن ماتوا سنة وفاة المترجم مع إيماء يسير إلى أحوالهم، وتوفي بدمشق في يوم الأحد نهاية شهر شعبان المكرم أو مستهل شهر رمضان المعظم سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بصالحية دمشق تغمده الله تعالى برحمته وغفرانه وأدخله فسيح جنانه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى