مقال

الدكروري يكتب عن الإمام ابن كمال باشا ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام ابن كمال باشا ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

بحيث إنه تفرد في إتقان كل علم من هذه العلوم، وقلما يوجد فن من الفنون إلا وله مصنف أو مصنفات، وصار إماما في كل فن، بارعا في كل علم، تشد الرحال إليه، وتعقد الخناصر عليه” وكما كان من أهم مؤلفاته بعد إيضاح الإصلاح في فقه الإمام أبي حنيفة، وكتاب تنقيح التنقيح في أصول الفقه، وهو تعليقات على تنقيح الأصول للعلامة صدر الشريعة المحبوبي، والمنيرة، وهي رسالة في الموعظة والتصوف، أولها الحمد لله الذي أعلى معالم العلم وأعلامه، وله ترجمة كتاب النجومِ الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لابن تغري بردي، فقد ترجمه إلى اللغة التركية بأمر من السلطان سليم خان عند دخوله مصر، وتفسير ابن كمال باشا، وقد وصل فيه إلى سورة الصافات، ووُصف بأنه تفسير لطيف فيه تحقيقات شريفة، وتصرفات عجيبة، وكما له كتاب التعريفات، زاد فيه زيادات لطيفة على تعريفات السيد الشريف الجرجاني، وكما له كتاب تأريخ آل عثمان.

 

وقد ألفه بإشارة من السلطان بايزيد خان المعروف ببايزيد الصوفي، وقد وصل فيه إلى سنة تسعمائة وثلاث وثلاثين من الهجرة، وكما له كتاب دقائق الحقائق، وكتب بعض الألفاظ الفارسية وحققها، وكان قد صنفه بالتركية باسم الوزير إبراهيم باشا، قال فيه سميته بدقائق الحقائق لاشتماله على الدقيقة المتعلقة بحقيقة اللغة المتشابهة، وكما له كتاب رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه، وقد ترجمه بإشارة السلطان سليم خان رحمه الله وقال ابن كما باشا عنه “جمعت منها ولم أقصد به إعانة الممتع الذي يرتكب المعاصي، بل قصدت إعانة من قصرت شهوته عن بلوغ أمنيته في الحلال الذي هو سبب لعمارة الدنيا، ولما كمل قسمته قسمين قسم يشتمل على ثلاثين بابا يتعلق بأسرار الرجال وما يقويها على الباه من الأدوية والأغذية، والثاني يشتمل على ثلاثين بابا يتعلق بأسرار النساء وما يناسبهن من الزينة، وله كتاب يوسف وزليخا، ألفه باللغة التركية.

 

وله أشكال الفرائض، انتهى من تأليفه سنة تسعمائة وسبع وعشرين من الهجرة، وله الأربعون في الحديث، جمع فيه ثلاث أربعينات وشرحها، واختار منها ما جزل لفظه وحسن، وليس كله أربعون حديثا، بل فيه عشرون، وكما له كتاب الآداب في البحث، وله كتاب تأريخ غزوة ميحاج، وكما له التجويد في علم الكلام، ثم قام بشرحه وسماه التجريد، وقال الشيخ طاشكبري زاده رحمه الله تعالى “وله كتاب في علم الكلام متن وشرح سماه تجريد التجريد” وكما له المهمات في فروع الحنفية، وكما له كتاب المنشآت، ألفه باللغة التركية، ورسالة الآيات العشر في أحوال الآخرة في الحشر، ورسالة في حد الخمر، وله رسالة في الحال، وكما له التنبيه على غلط الجاهل والنبيه، وهو رسالة ذكر فيها ما يقع على ألسنة الكتاب والعامة من أغلاط في اللفظ، ورتب الأغلاط على حروف المعجم، أولها الحمد لله الذي جعلنا من زمرة من علم، وكما له تفسير سورة الملك.

 

ورسالة في أقسام المجاز، ورسالة في الجسم، وله رسالة في التعريب، وكما له شرح مشارق الأنوار للصاغاني، وكما شرح مصابيح السنة للإمام الفراء البغوي، وله رسالة في القضاء والقدر، وله رسالة في القافية، وله رسالة في العلم وماهيته، وكذلك كان والده سليمان بن كمال باشا من قادة الجنود الإسلامية الخاقانية في زمن السلطان محمد الفاتح، واشترك في فتح القسطنطينية مع جنود سنجق أماسيا عام ثماني مائة وسبع وخمسين من الهجرة، وصار بعد الفتح وكيلا لجند السلطان برتبة صوباشي أي منصب من تتوفر فيه الكفاية لضبط البلد من جهة السلطان، ثم توفي في استانبول، ودفن إلى جانب مدرسة أبيه كمال معه، فهو إذن من قبل أبيه ينتمي إلى أسرة عسكرية قيادية جهادية، وأما أمه فهي منتمية إلى أسرة علمية، فهي بنت المولى الفاضل محيي الدين محمد الشهير بابن كوبلو المتوفي سنة ثماني مائة واربع وسبعين من الهجرة.

 

وهو من العلماء المشهورين بالفضل في زمانهم، كما جعله السلطان محمد الفاتح قاضيا بالعسكر المنصور بعد ما تولى بعض المناصب، ثم عزله في سنة ثماني مائة واثنين وسبعين من الهجرة، وكان للمولى المذكور بنتان، تزوج إحداهما المولى سنان باشا، وتزوج ثانيتهما سليمان جلبي ابن كمال باشا، فولد له منها ولد، اسمه أحمد شاه، وهو المولى العالم الفاضل المشتهر في الآفاق بابن كمال باشا، وقد مال في صباه إلى تحصيل العلم والكمال، وأنفق ريان عمره في اقتباس كل فضيلة تسمو به إلى المحل الأرفع، وصرف حداثة سنه في إحراز كل معرفة تعليه ذروة العز الأنفس، والمجد الأتلع، وحفظ القرآن الكريم، وضبط في ابتداء أمره من اللغة ما نقع بها غلة صدره، وأحاط علما بوجوه القراءات والعلل، وأمن على نفسه غائلة التورط في مداحض الزلل، ثم استظهر في فنون الأدب كتبا قلما تصدى لحفظها أقرانه، ويهتدي لضبطها أسنانه.

 

ثم استولى على أخذ الشعر، ورقى إلى الإعجاز منزلة السحر، ثم حدثت في طبعه الشريف داعية الرياسة، لما كان آباؤه من أصحاب الكر والفر والسياسة، فلحق بزمرة العسكر، وصرف عنان همته إلى سمت آخر، وانقطع بذلك عن طلب العلم، وظل يشتغل ويترقى في الرتب في الجيش، وكان يرتقب منه أن يغدو قائدا عسكريا حازما، وأميرا مطاعا مثل آبائه وأجداده، وخرج سنة ثماني مائة وسبع وتسعين من الهجرة، في سفر مع الجيش السلطاني متوجها نحو ألبانيا، وكان في هذا السفر في معية الوزير الكبير إبراهيم بن خليل باشا، وكان معهم الأمير أحمد بك بن أورنوس، وهو المقدم على سائر الأمراء آنذاك، بل ليس فيهم أعظم منه في حينه، ولا يتصدره أحد منهم، وحدثت حادثة في مدينة فليبه وهي مدينة تقح إلى الجنوب الشرقي من صوفيا، عاصمة بلغاريا، أثرت في نفس ابن كمال باشا، فتحول من صفوف الجيش إلى صفوف العلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى