مقال

نفحات إيمانية ومع الأمن الإجتماعى والفساد الأخلاقى ” جزء 8″

نفحات إيمانية ومع الأمن الإجتماعى والفساد الأخلاقى ” جزء 8″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع الأمن الإجتماعى والفساد الأخلاقى، فيأتي شرع الله العزيز الحكيم، ليحل هذه المشكلة، فالله يقضي على هذه المعضلة، بحل قاطع، وإن الإسلام قد وضع قاعدة قوية في القضاء على الجريمة، في تحريمه الأمور التي تتسبب عنها، أو تدعو إليها كالخمر والزنا والربا والميسر، ثم بوضعه قواعد تريح العالمين بها وفق منهج سليم يرضي النفوس، ويعطى كل ذي حق حقه، ويمنع التعدي، ثم يفرض جزاءات تجتث الشرور من المجتمع، لأن من فيه نزعة شر لا يرتاح، إلا بإزعاج الآخرين، ومثل هؤلاء كالجرثومة التي لابد أن تكافح، أو كالعضو الفاسد لابد من بتره، وإلا استشرى الداء في الجسد كله.

 

فإن الإسلام صارم في القضاء على الأمور التي يترتب عليها إخلال بالأمن، وإزعاج للبشر، وإضرار بالأمة، وقيل بأن رأس المال جبان لا يطمئن إلا بالأمان، ولا يتحرك وينمو إلا مع الأمن الوطني، والقضاء على مثيري القلاقل الآخذين بجهد الآخرين، المخيفين للسبيل، وذلك بسلطة تجازيهم في الدنيا، وتقطع دابرهم من المجتمع، وعمل هذه السلطة يدعمه تشريع قوي، ولا أقوى من حكم الله ورسوله وتطبيقهما يخيف من تسوّل له نفسه العمل بمثل عملهم” وأيضا فإن من الوسائل لتحقيق الأمن المجتمعى هو الصدقات، فإن للصدقات أبعاد اجتماعية ونفسية واقتصادية، فهي من جانب تخفف من آلام الحاجة والحرمان عند الطبقة الفقيرة من المجتمع.

 

ومن ناحية أخرى تحسس الدافع الوجداني والراحة النفسية وإنها تشارك أبناء المجتمع عمومه وتساهم في الارتقاء بالمجتمع إلى مستوى مناسب من الاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة، ومن ناحية أخرى تحرك الصدقة دواليب الاقتصاد لأنها توفر السيولة لدى المحتاجين وهي بدورها تحرك عجلة السوق ومن هذه المواقع يأتي تأثير الصدقة في الأمن الاجتماعي فهي من جانب تمنع الجريمة التي ترتكب بسبب الحاجة والعوز، وتمنع الفساد الأخلاقي الناشئ من الفقر والفاقة، ومن جانب آخر تنمي الشعور الجمعي والإحساس بالآخرين في المجتمع وكلها مؤشرات فاعلة في استئصال شأفة الجريمة والميوعة والبطالة الجرمية، ومن أجل هذه الأهداف شرع الإسلام هذا العطاء.

 

وجعله في بعض الموارد من الواجبات كالزكاة وفي موارد أخرى من المستحبات، فالصدقة الضريبة التي يدفعها المسلم ليعيش في جو آمن مُسالم وهو يدفعها عن طيب خاطر وراحة ضمير، فقال الإمام على رضى الله عنه “أفضل المال ما وقي به العرض وقضيت به الحقوق، وأفضل السخاء أن تكون بمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا” فالصدقة هي الوسيلة الناجعة لمكافحة الرذيلة والانحراف لأنها تقلعها من جذورها، فقال علي بن أبي طالب رضى الله عنه “بالإحسان تغمد الذنوب” كيف ذلك؟ لأن المجتمع الذي يعيش في الرفاهية وفي بحبوحة العيش سينعم بالأمن والاستقرار أيضا، وإن الإيمان يطمئن النفوس، ويهدئ المجتمعات من القلاقل.

 

والفتن والأزمات، في أمور كثيرة، اضطربت فيها أنظمة الأمم، وتباينت فيها الآراء رغبة في وجود حل، والقضاء على مشكلة، مثل الأمن الزراعي وتوفير الغذاء، والأمن الصحي والاهتمام بالمريض، كوصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيارة المريض وهدية في العلاج الطبي، والأمن الأسري ورباط الزوجية، كما في قول الله تعالى ” والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين” والأمن العائلي والاهتمام بالأولاد، كما جاء في سورة النساء في تقسيم التركات، وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس” وفي منعة صلى الله عليه وسلم الوصية للولد وقوله “لا وصية لوارث”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى