مقال

الدكروري يكتب عن كلمة الطلاق 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كلمة الطلاق

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن كلمة الطلاق لفظا يعني الترك والإرسال، أما الطلاق في الشرع هو فسخ عقد النكاح أو عقد الزواج، وفي أحاديث النبي الكريم صلي الله عليه وسلم عن الطلاق فقد شرّع الله تعالي في الإسلام هذا الأمر تحت شروط معينة، كما أحاطه بالعديد من الضوابط بعد الانتهاء من فسخ العقد كالنفقة والمؤخر وما يشابههم، وعلى الرغم من أن هذا الأمر جائز وحلال في الإسلام إلا أنه فعل مكروه أيضا، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “أبغض الحلال إلى الله الطلاق” ذلك لما فيه من هدم لكيان الأسرة التي تشكل الحياة الاجتماعية السوية، وصعوبة الأمر على الزوجين وأهلم وأولادهم، فالزواج مودة ورحمة، لذا نجد أن أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم عن الطلاق كثيرة، وتوضح الكثير عن الطلاق وشروطه وأركانه، وإن الطلاق هو أمر جاد لا يمكن الرجوع فيه، ويتم تنفيذه بكلمة واحدة، وهذا ما أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فكلمة طالق وحدها هي واحد من أهم شروط الطلاق، وعلى أساسها يصح فسخ عقد الزواج، وكما أن الطلاق لا يجوز للمرأة الحائض حتى تتطهر ثم تحيض وتتطهر، وقد أوضح النبي صلي الله عليه وسلم أن تطليق المرأة ثلاث في مرة واحدة أمر محرم، كمن يقول “أنت طالق ثلاثا” أو يقول الكلمة وحدها ثلاث مرات، فقال صلى الله عليه وسلم، عندما أخبرعن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال ” أيلعب بكتاب الله، وأنا بين أظهركم؟ حتي قام رجل فقال يا رسول الله ألا أقتله؟” رواه محمود بن لبيد الأنصاري، وكما أن للطلاق ثلاثة أركان أساسية وهي الزوج، فلا يمكن لاحد غير الزوج أن ينفذ الطلاق، وذلك طبقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنما الطلاق لمن أخذ بالساق” رواه عبد الله بن عباس، والركن الثاني هو الزوجة، وتكون الزوجة على عصمة الزوج، أي لا يمكن الطلاق لمن لم يدخل بها لقوله صلى الله عليه وسلم.

 

“لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق لابن آدم فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك ولا يمين فيما لا يملك” رواه جد عمرو بن شعيب، وكما أن اللفظ الدال على الطلاق يكون صريحا، ومن شروط الطلاق في الإسلام هو بلوغ الزوج، أي أن طلاق الصبي لا يقع بأي حال من الأحوال، أما مذهب الحنابلة فيرى أن الطلاق يقع إذا كان الصبي عاقل، أما إذا كان غير عاقل فإن الطلاق لا يقع، ويقع تحت بند غير العاقل الرجل السكران أو المجنون، وكذلك وضوح لفظ الطلاق وفهمه من قبل الطرفين، فإذا لقن أجنبي لفظ الطلاق ولم يفهمه عندها لا يقع الطلاق، وكذلك أيضا النية في الطلاق، والنية مقترنة بلفظ الطلاق، وبدونها لا يقع، وأيضا عدم تطليق الحائض إلا بعد أن تتطهر ثم تحيض ثم تتطهرن وكذلك النفساء، فيجب أن ينتظر أن تحيض ثم تتطهر، وعدم خروج الزوجة من البيت بعد الطلاق إلا بعد انتهاء عدتها، وتختلف عدة المرأة الحامل.

 

في أنها تنتهي بعد عندما تضع المرأة حملها، وكما أن هناك عدة حالات للطلاق، فهناك الطلاق الواجب، وهذا في حالة توكيل حكمان من ناحية الزوج والزوجة، ورؤية هذان الحكمان أن الطلاق هو الحل، عندها يكون الطلاق واجب، وهناك الطلاق المحرم، وهي تطليق الزوجة وهي حائض، أو في طهر قد مسها زوجها فيه، وهناك الطلاق المباح عندما لا تطيب نفس الزوج للمرأة، وهناك الطلاق المندوب، في حالة كون الزوجة غير عفيفة وفشل الزوج في إصلاحها، وهناك الطلاق المكروه في حالة عدم رغبة الزوج في الطلاق، فهذا يكون غير محسوب لأن الأعمال بالنيات، وقيل إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، وهو حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود والحاكم وصححه السيوطي وضعفه الألباني، وفي القرآن الكريم حث للزوج على أن يمسك زوجته ولو كرهها، فقال تعالى كما جاء في سورة النساء ” فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا”

 

مع العلم أن الطلاق تعتريه الأحكام الخمسة، وقد فصل ذلك ابن قدامة في كتابه المغني فقال والطلاق على خمسة أضراب واجب، وهو طلاق المولي بعد التربص إذا أبى الفيئة، وطلاق الحكمين في الشقاق إذا رأيا ذلك، ومكروه وهو الطلاق من غير حاجة إليه، والثالث مباح، وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها، والرابع مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة ونحوها ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، وأما المحظور فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، وأما عن ثلاث جدهن جد وهزلهن جد”الطلاق والنكاح والعتق” فهذا حديث صحيح رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة قال” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة”

 

ومعنى الحديث أنه لو طلق أو نكح أو راجع وقال كنت فيه لاعبا هازلا لا ينفعه قوله هذا، وقال الخطابي انه اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول كنت لاعبا أو هازلا أو لم أنوه طلاقا أو ما أشبه ذلك من الأمور، وفي الطبراني بسند حسن عن فضالة بن عبيد قال “ثلاث لا يجوز اللعب فيهن الطلاق والنكاح والعتق” والنكاح هو أن يقول الولي زوجتك فلانة، ويقول الزوج قبلت، والطلاق معلوم، والرجعة هي عود المطلقة إلى العصمة جبرا عنها، والعتق معلوم وهو أن يقول أنت حر أو نحو ذلك، ولا ينفعه في شيء من ذلك أن يقول كنت لاعبا أو هازلا،

 

وفي الإسلام يوجد نوعان من الطلاق، وهما الطلاق الرجعي والطلاق البائن، فالطلاق الرجعي وهو يطلق هذا الطلاق في فترة العدة، ويستطيع الزوج فيه أن يرجع زوجته إليه ولو بغير رضاها، وفي هذه الحالة إذا مات أحدهم يرثه الآخر، وأما عن الطلاق البائن أو البينونة ينقسم هذا النوع إلى نوعين، وفي النوعين لا يمتلك الرجل حق إرجاع زوجته إليه كما في الطلاق الرجعي، فالطلاق البائن بينونة صغرى، في هذا النوع تعود المرأة إلى زوجها بعد الاتفاق على مهر مرة أخرى وكتابة عقد زواج جديد، وأما عن الطلاق البائن بينونة كبرى وفي هذا النوع يستطيع الزوج أن يرجع زوجته ولكن بعد أن تتزوج برجل آخر وتتطلق، وفي هذا الأمر يجب التنبيه أن الطريقة التي تبعها الناس باسم المحلل حرام، فتصبح هذه علاقة زنا فيجب أن تتزوج المرأة بنية الزواج المؤبد ودخول الزوج بها دخولا حقيقيا، وإذا تطلقت من الزوج الثاني تستطيع أن تتزوج الزوج الأول مرة أخرى بعد انقضاء عدتها، وذلك بشرط عقد ومهر جديدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى